للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبل شهادته، وإن كان قد خاصم، فوجهان، ورأى هذا التفصيل فيما إذا جرى الأمر على تواصل، فأما إذا طال الفصل، فالوجه القطع بقبول الشهادة مع احتمال فيه، ويجوز أن يعلّم لما ذكرنا قوله في الكتاب: "ثم يشهد" بالواو وكذا قوله: "وإن كان قد خاض ... " إلى آخره في حكم المكرر؛ لإن فيما قبله ما يغني عنه.

الثالثة: لو وكل رجلين بالخصومة، ولم يصرح باستقلال كل واحد منهما، فأصح الوجهين: أن كل واحد منهما لا يستقل بها، بل يتساويان ويتناصران، كما لو وكل رجلين ببيع، أو طلاق، أو غيرهما أو وصى إلى رجلين.

والثاني: أن لكل واحد منهما الاستقلال لعسر الاجتماع على الخصومة، ويقرب منهما بحفظه، بل يحفظانه في حرز بينهما، وعلى الثاني ينفرد به كل منهما الوجهان فيما إذا وكَّل رجلين بحفظ متاع، فعلى الأصح لا ينفرد واحد منهما فإن قبل القسمة قُسِمَ ليحفظ كل واحد منهما بعضه واعلم أنه إذا ادعى عند القاضي أنه وكيل فلان في خصومة فلان، فإن كان المقصود بالخصومة حاضراً وصدقه ثبتت الوكالة، وله مخاصمته، وإن كذبه، فأقام البينة على الوكالة ولا يحتاج إلى أن يدعي حقَّا لموكله على الخصم، وعند أبي حنيفة لا تسمع البينة على الوكالة حتى يدعي عليه حقَّا لموكله فينكر، وإن كان غائباً، وأقام المدعي البينة على الوكالة سمعها القاضي، واتبعها, ولا يعتبر حضور المقصود بالخصومة في إثبات الوكالة، خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، حيث قال: لا تسمع البينة، إلاَّ في وجه الخصم.

قال الإمام رحمة الله تعالى: هو بناء على امتناع القضاء على الغائب (١)، ثم حكى عن القاضي الحُسَيْنِ أنه لا بد وأن ينصب القاضي مسخراً (٢) ينوب عن الغائب، ليقيم المدعي البينة في وجهه، ثم استبعدوه، وقال: لا أعرف لهذا أصلاً، مع ما فيه من مخالفة الأصحاب، وحكى أيضاً عنه أن القضاة اصطلحوا على أن مَنْ وكل في مجلس القاضي وكيلاً بالخصومة يختص التوكيل بالخصومة في ذلك المجلس.

وقال الإمام رحمه الله تعالى: والذي نعرفه للأصحاب بأنه يخاصمه في ذلك المجلس، وبعده، ولا يعرف للقضاة العرف الذي ادعاه.

[فرع]

وكل رجلاً عند القاضي بالخصومة عنه، وطلب حقوقه، فللوكيل أن يخاصم عنه


(١) سيأتي ذلك واضحاً في كتاب القضاء.
(٢) هو الذي يعمل بلا أجر ينظر المصباح المنير /٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>