للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في صلاة التطوع]

قال الرافعي: اختلف اصطلاح الأصحاب في تطوع الصلاة فمنهم من يفسره بما لم يرد فيه مخصوص نقل وينشئه الإنسان باختياره، وهؤلاء قالوا: ما عدا الفرائض ثلاثة أقسام:

سنن وهي التي واظب عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ومستحبات: وهي التي فعلها أحياناً ولم يواظب عليها.

وتطوعات وهي التي ذكرنا، ومنهم من يرادف بين لفظتي النافلة والتطوع، ويطلقهما على جميع ما سوى الفرائض (١)، وبهذا الاصطلاح ترجم صاحب الكتاب الباب، واختلف اصطلاحهم في الرواتب أيضاً، فمنهم من قال: هي النوافل المؤقتة بوقت مخصوص، وعد منها التراويح، وصلاة العيدين، وصلاة الضُّحَى، ومنهم من قال: هي السُّنَنُ التابعة للفرائض، وبهذا الاصطلاح يتكلم صاحب الكتاب.

إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن ما سوى الفرائض من الصلوات قسمان: ما تسن فيه الجماعة كصلاة العيدين، والكسوفين، والاستسقاء ولها أبواب مفردة مذكورة بعد هذا، وما لا تسن فيه الجماعة، وينقسم إلى الرواتب وغيرها، وغرض الفصل الأول من الباب: الكلام [في الرَّوَاتِب، وغرض الثاني: الكلام] (٢) في مَرَاتِب النوافِلِ، وبعض أحكامها:

أما الأول فالرواتب ضربان: الوِتْرُ، وَغَيْرُ الوِتْرِ.

أما غير الوتر فقد اختلف الأصحاب في عدده.

قال الأكثرون: عشر ركعات: ركعتان قبل الصبح، وركعتان قبل الظُّهْرِ، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء؛ لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِب فِي بَيْتِه، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ في بَيْتِهِ، وحدثتني حفصة -رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعُ الفَجْرُ" (٣).


(١) وخالف في ذلك القاضي حسين فجعل السنة ما واظب عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمستحب ما فعله مرة أو مرتين، والتطوع ما ينشئه الإنسان باختياره ولم ير فيه بنقل، انظر شرح جمع الجوامع (١/ ٩٠) نهاية السول (١/ ٤٦).
(٢) سقط في "ب".
(٣) أخرجه البخاري (٩٣٧، ١١٦٥، ١١٧٢، ١١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>