للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَقُولُ بتوريثِ ذَوِي الأرحامِ يزيدَ عليهم بكَثِيرٍ.

وقولُهُ في الكِتاب "والوارِثُونَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ" هُوَ عبارةُ الإِيجاز، وزَادَهَا بياناً، فقَالَ "اثْنانِ مِنْهُمْ مِنَ السَّبَبِ، وَهُمَا: الزَّوْجُ والمُعْتِقُ، والباقُونَ من النَّسَبِ اثْنَانِ مِنْ أَعْلاَهُ" يعني: أصُولَ الميِّتِ، ولم يُقَيِّدْ لفظ الجَدِّ بأبي الأب، وهو المُرادُ، ولا يَصْلُحُ قولُهُ "مِنْ أعلَى النَسَب" مُقَيَّدًا كما لا يَصْلُحُ في طرف الجَدَّةِ، واثْنَانِ من أسْفَلِهِ، يَعْنِي: فُرُوعَهُ، وأربعةً علَى الطَّرف، وهم الإخوةُ وبنوهم، والأعمامُ، وبنُوهُم.

قولُهُ "إلاَّ الأعمام مِنْ جِهَةِ الأُمِّ" استثناءٌ مِنَ الأَعْمَام، واكْتَفَى به عَن الاسْتثناءِ مِنْ بينهم؛ لأنَّه إذا بَانَ أنَّ العَمَّ مِنَ الأمِّ لاَ يَرِثُ، فابنه (١) أولَى بألاَّ يَرِثَ.

وقولُهُ "وَهُمْ إخْوَةُ الأَبِ للأُمِّ" تفسيرٌ لا تَمَسُّ الحاجةُ إليه، ولفْظُ "الأَعْمام" ينظم عمَّ المَيِّتِ، وَعَمِّ أبِيهِ وعمَّ الجدِّ إلَى حيث يَنْتَهِي، وَكَذَلِكَ حيثُ أطْلَقْنَا لَفْظَ العَمِّ في عَدِّ الوارِثينَ بخلافِ لَفْظِ الأخ، فإنَّ المُرادَ منهُ أخ الميتِ لا غَيْرَ، والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: وَمَنْ عَدَا هَؤُلاَءِ كأبِ الأُمِّ، وَأَوْلاَدِ البَناتِ، وَبَناتِ الإِخْوَةِ، وَأَوْلاَدِ الأَخَوَاتِ، والعَمَّاتِ والخَالاَتِ، وَبَنَاتِ الأعْمَامِ فَهُمْ مِنْ ذَوِي الأَرْحَامِ وَلا شَيْءَ لَهُمْ (ز ح و).

[فصل في ذوي الأرحام]

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذَوُو الأَرْحامِ بالقَوْلِ الجُمَلِيِّ: كُلْ قَرِيبٍ يَخْرُجُ مِنَ المَعْدُودِينَ فِي الفَصْلِ السَّابِقِ.

وإنْ شِئتَ قلتَ: كُلُّ قريب لَيْسَ بذي فَرضٍ ولا عَصَبَةٍ، وَهَذَا عَلَى إدخَال قَرابَةٍ الأُمَّ في مُطْلَقِ لَفْظِ القَرابَةِ، وَأَمَّا تَفْصِيلُهُم، فَفِيهِ طَريقَان:

أحدُهُمَا: [إن نَقلَّت الطريقة الأُولَى في حَصْرِ الورثة] (٢) وتقول: كُلُّ مناسِبٍ، فإمَّا أو يَتَوَسَّطَ بَيْنَهُ وبيْنَ المَيِّتِ واسطةٌ، ولَيْسَ في هَذَا القِسْمِ أحَدٌ منْ ذَوِي الأرْحَامِ أو يتوسَّطَ، فَهُوَ إما ذَكَرٌ أو أُنْثَى، وَعَلَى التقديرَيْنِ، فالتوسُّطُ إمَّا بِمَحْضِ الذكور، أو بِمَحْضِ الإنَّاثِ، أو بِهِمَا: إنْ كانَ ذكرًا، والتَّوَسُّطُ بمَحْضِ الذُّكُورِ، فلَيْسَ فيهم أحدٌ مِنْ ذَوِي الأَرْحَامِ أيضاً.

وإنْ كَانَ ذَكَراً، والتوسط بمِحَضِ الإنَاثِ؛ فَكُلُّهُمْ من ذَوِي الأَرْحَامِ إلاَّ الأخَ من الأمِّ.


(١) في ز: فإنه.
(٢) في ز: أحدهما حصر الورثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>