للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان أُنْثَى، والتوسُّطُ بمَحْضِ الذُّكُورِ، فكُلُّهُمْ مِنْ ذَوِي الأَرْحَامِ، إلاَّ بنتَ الابْنِ، والأخْتَ للأَبِ، والجِدَّةَ للأبِ.

وإنْ كانَتْ أُنْثَى، والتوسط بمَحْضِ الإنَاثِ، فَكَذَلِكَ الأخْتَ للأمِّ, والجِدَّةَ للأُمِّ.

وإنْ كانَ ذَكراً أو أُنْثَى، والتوسط بالإنَاثِ والذُّكُور جميعاً، فالكُلُّ من ذَوِي الأَرْحَامِ إلاَّ الجَدَّاتِ المُدْلِيَاتِ بمَحْضِ الإنَاثِ إلَى مَحْضِ الذُّكُورِ.

والثاني: أنَّ ذَوِي الأَرْحَامِ عَشَرَةُ أصْنَافٍ: الجَدُّ أبُو الأُمِّ، وكلُّ جَدٍّ وجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ، وأَوْلاَدُ البَنَاتِ، وبَنَاتُ الإخوةِ، وأولاَدُ الأخَواتِ، وبنُو الاخوةِ للأُمِّ، والعَمُّ للأُمِّ، وبناتُ الأَعْمَامِ والعَمَّاتِ، والأخْوَال، والخالات، ومنْهُمْ مَنْ يعدُهُّمْ أَحَدَ عَشَرَ صِنْفاً، وَيَفْصِلُ الجَدَّ عن الجَدَّةِ.

ومِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ علَى ذَلِكَ، والمقْصُودُ لا يَخْتَلِفُ، فهؤلاء لا يَرِثُون بالرَّحمِ شَيْئاً، وبِهِ قال مالِكٌ: خِلافاً لأبي حنِيفَةَ وأَحْمَدَ؛ لما رُوِيَ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قال: "سأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ مِيرَاثِ العَمَّةِ والْخَالَةِ فَسَارَّني جِبْرِيلُ أنْ لاَ مِيرَاثَ لَهُمَا".

وُيرْوَى أنَّه -صلى الله عليه وسلم- "رَكِبَ إِلَى قباء يَسْتَخِيرُ اللهَ تَعَالَى فِي الْعَمَّةِ والْخَالَةِ، ثُمَّ قَالَ: "أُنْزِلَ عَلَيَّ أنْ لاَ مِيرَاثَ لَهُمَا".

وأَيْضاً، فإنَّ العَمَّةَ لا تَرِثُ مَعَ العَمَّ، وكُلُّ أُنْثَى لا تَرِثُ مَع مَنْ في دَرَجَتِهَا مِنَ الذُّكُورِ لا تَرِثُ إِذَا انْفَردَتْ كابْنَةِ المُعْتِقِ.

وأيْضًا فإنَّهُم لَوْ وَرِثُوا، لَتَقَدَّمُوا على المُعْتِقِ؛ لأنَّ القَرَابَةَ مقدَّمَةٌ علَى الوَلاَءِ، وقَدْ سَلَّم أبُو حنيفةَ بتَقَدُّمِ المعتقِ علَيْهِمْ.

ولْيُعْلَمْ قَوْلُهُ في الكتاب "لاَ شَيْء لَهُمْ" بالحاءِ والألف وبالزاي والواوِ أَيْضاً؛ لأَنَّ في "التهذيب" أنَّ المُزَنِيَّ وابْنَ كج يوافِقَان أَبَا حَنيفَة في المَسْألةِ، وُيبْنَى على مَنْع التَّوْرِيثِ منْعُ الرَّدِّ، وهو أنْ يُخَلِّفَ الميتُ صاحِبَ فَرْضِ أو أصحابَ فُرُوضٍ، لاَ تَسْتَغْرِقُ المالَ، فلا يُرَدُّ البَاقي عليهِم.

والذينَ ورَّثُوا بالرِّحم حَكَمُوا بالرَّدِّ عَلَى أصْحَابِ الفُرُوضِ، إلاَّ على الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ؛ فإنَّه لا رَحِمَ لَهُمَا، ويقدِّمُونَ الرَّدَّ علَى توريثِ ذوِي الأَرْحَام الذينَ لا فَرْضَ لهُمْ؛ لأنَّ القَرَابَةَ المفيدةُ لاسْتحقاقِ الفَرْض أوْلَى، واحتَجُّوا عَلَى إبْطَال الرَّدِّ بقولِهِ تَعالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦]، جَعَلَ لَهُ الكُلِّ حيثُ جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ.

ولَوْ قُلْنَا بالرِّد، لوَرِثَتِ الكُلَّ كَمَا يَرِثُهُ الأَخُ، فيرتَفِعُ الفَرْقُ، وبَمَا رُوِيَ عَنِ النبيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>