للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَرِيضَةِ وجهان، قال في "الشامل": الأَقْيَسُ أنه ليس له الامْتِناَعُ، كما ليس له أن يُخْرِجَهَا من داره، إذا مرضت، وإذا تسلمها فعليه النَّفَقَةُ لا كالصَّغِيرَةِ، فإن المَرْضَ عارِضُ (١) متوقع الزوال.

ولو كانت المَرْأَةُ نَحِيفَةً بالجِبلَّةِ، فليس لها أن تَمْتَنعَ لهذا العُذْرِ؛ لأنه ليس شيئاً مُتَوَقَّعَ الزَّوَالِ، فكانت كالرَّتْقَاءِ، ثم إن كانت تَخَافُ الإِفْضَاءَ لو وُطِئَت لعَبَالَةِ الزوج، فليس عليها التَّمْكِينُ من الوَطْءِ.

قال الأئمة: وليس له الفَسْخُ، بخلاف الرَّتْقِ، فإنه يمنع الوطء مُطْلَقاً، والنَّحَافَةُ لا تمنع وَطْءَ نَحِيفٍ مثلها، وليس ذلك بِعَيْبٍ أيضاً.

وفي الكتاب ما يُخَالِفُ هذا في باب الدِّيَاتِ، وإذا وَطِئَ الرجل امْرَأَتَهُ، فَأَفُضَاهَا، فالقول في الدِّيَةِ مَذْكُورٌ في الدِّيَاتِ، وليس له أن يَعُودَ إلى وَطْئِهَا، حتى تبرأ البرء الذي إن عاد لم يَنْكَأْها هذا لفظ الشَّافعي يقال نكأت القرحة أي: خَدَشْتُهَا وأَذمَيْتُهَا وإن اختلفا في حُصُولِ هذا البُرْءِ وأنكرت هي، قال الشَّافِعِيّ -رضي الله عنه-: القول قَوْلُهَا.

وفي "التتمة" أن موضع النَّصِّ ما إذا سَلَّمَتْ انْدِمَالَ ظَاهِرِ الجُرْحِ، وادَّعَتْ بَقَاءَ الأَلَمِ، فتحلف وتصدق؛ لأن ذلك لا يعرف إلا منها، أما إذا ادَّعَتْ بَقاءَ الجُرْحِ، وأنكَرت أَصْلَ الانْدِمَالِ، فتعرض على أربع نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ، ويعمل بقولهن.

ومنهم من حَمَلَ النَّصَّ على ما إذا لم يَمْضِ من الزَّمَانِ ما يقلب فيه البُرْء فإن مضى راجَعْنَا النِّسْوَةَ ومنهم من أَطْلَقَ القَوْلَ بِمُراجَعَتِهِنَّ عند الاختلاف، وعلى هذا فَصُورَةُ النَّصِّ ما إذا لم يكن هُناكَ نِسْوَةٌ ثِقاتٌ وقوله "في الكتاب": "نعم لو رجعت إلى الامتناع سَقَطَ طَلَبُهَا" أي: الطلب الثَّابِتُ على جميع الأَقْوَالِ، ويصير الحكم كما كان قبل التمكين.

وقوله: "إلاَّ إذا وَطِئَها فإن المَهْرَ يستقر بوَطْأَةٍ واحدة" يعني إذا جرى الوَطْءُ يَسْتَقِرُّ المَهْرُ، فيستمر الطلب وإن فُرِضَ منها امْتِنَاعٌ بعد ذلك. وقوله: "وليس لها بعد الوَطْءِ حَبْسُ نفسها" مُعَلَّمْ بالحاء والواو وقوله: "إذا بَطَلَ حقها بالتمكين من وَطْءِ" وَاحِدٍ ليس بِتَوْجِيه مقيد، فإن من يقول: لها الحَبْسُ بعد الوَطْءِ مُحَالٌ أن يسلم ببطلان حَقِّ الحبس من الوَطْءِ.

" فروع"

عن "مُجَرَّدِ" الحناطي إذا اختلف الزَّوْجُ، وأبو الزوجة، فقال أحدهما؛ إنها صَغِيرَةٌ


(١) في ب: عذر عارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>