للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تُرِكَتِ التَّسْمِيَةُ عند الإرسالِ فما ينبغي أن يكونَ فيه خِلافٌ، كما أَن مَنْ تركَ التسمِيَة في ابتداءِ الوُضوءِ والأكْلِ، يُسْتَحَبُّ أن يُسمّى في أثنائِهَا (١).

قال الغَزَالِيُّ: (النَّظَرُ الثَّانيِ) فِي أَسْبَابِ المِلْكِ وَهُوَ فَصْلاَنِ: (الأَوَّلُ فِي الانْفِرَادِ) وَإِنَّمَا يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِإبْطَالِ مَنَعَتِهِ أَوْ بِإثْبَاتِ الْيَدِ أَوِ الإثْخَانِ أَوِ الْوُقُوعِ فِيمَا نُصِبَ لِلصَّيْدِ.

القول في بيان ما يُمْلَكُ به الصيدُ

قال الرَّافِعِيُّ: مقصودُ النظرِ على ما تبين من قبل بيان ما يملك (٢) به الصيدُ، والاِصْطِيادُ إمَّا أَنْ يُؤْخَذَ من واحدٍ أو منِ اثْنَينِ فصاعِدًا وفيه فصْلاَن.

أحدُهما: في حالةِ الانْفِرادِ، ويُمْلكُ الصَّيْدُ بِطُرقٍ.

مِنْهَا: أنْ يضْبطهُ الصائِدُ بيده، ولا يُعْتبر قصْدُ التملكِ في أَخذهِ باليدِ حتَّى لو أَخَذَ صَيْدًا لِينظُرَ إليه يملكَه، ولو سَعَى خلفَ صيدٍ فوقَفَ لِلإعْيَاءِ -لَمْ يَمْلِكُهُ حتَّى يأخذَه بيده.

ومنها: إذَا جرحَهُ جراحةً مذففة، أو رمى إليه فَأَثْخنَه وأَزْمنه -ملكه، وكذا إنْ كان طائِرًا فكَسَرَ جَنَاحَهُ حتَّى عَجَزَ عنِ الطَّيَرانِ والعَدْوِ جَمِيعًا، ويكفي للتملُّكِ إِبْطَالُ شدَّةِ العَدْوِ، وصيرورتهِ بحيثُ يحصل اللحوقُ به، ولو جَرَحهُ فعطش [بعد الجراحَةِ] (٣) وثبَتَ لمْ يملِكهُ، وإنْ كانَ العطشُ لعدمِ المَاء وإنْ كان لعجْزُه عن الوصُولِ إلى الماء يملِكُه؛ لأنَّ سَبَب العجز الجراحةُ.

ومنها وقوعُه في الشبكة [المَنْصُوبَةِ لَهُ، ولو طَرَدَهُ طَارِدٌ حَتَّى وقع في الشبكَةِ] (٤) فَهُوَ لصاحب الشَّبَكَةِ لا للطَّارِدِ، وعن "الحَاوي" أنه لو وقع الصيدُ في الشبكةِ ثم تقطَعت الشبكةُ وأفلَت الصيدُ، فإن كان ذلكَ يقطع الصيدَ الذي وقعَ فيه -عادَ إلى الإباحةِ حتى يملكه مَنْ يَصِيدُه، وإلاَّ فهو بَاقٍ على مِلْكِ صاحبِ الشبكةِ، ولا يملكهُ غيرهُ، وذكر في "الوَسِيطِ" في "باب النثر" أنه لو وقعَ في الشبكةِ ثم أفلتَ، فالظاهِرُ أنَّ مِلْكَه لا يزُول.

وفيه وجْهٌ: أنَّهُ لا يعد مستقرًا في العُرْف.

ومنها إذا أَرْسلَ كلبًا فأثبتَ الصيدَ -مَلَكهُ، ولو أرسلَ سَبُعًا أخرَ، فعقرَهُ وأثبته، قال في "الحَاوِي": إنْ كانَ له يَدٌ على السَّبُع -فيملِكُه كما لَو أرسلَ كلبَه، وإلاَّ فَلاَ، ولو أَرْسَل الصيْدَ بعدما أخَذَهُ الكلْبُ ففي "البحْرِ" أن بَعْضَ الأَصْحابِ قال: إنْ كانَ ذلك قبل ما أَدْرَكَه صاحبُهُ لم يَمْلِكْهُ وإنْ كانَ بعده -فوجهان؛ لأنَّهُ لم يقبِضهُ ولا زال به امتناع (٥).


(١) في ز: انتهائها.
(٢) في ز: يتملك.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) قال النووي: أصحهما: لا يملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>