للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي:

" كِتَابُ الشُّفْعَةِ, وَفِيهِ ثَلاَثةُ أَبْوابٍ"

البَابُ الأَوَّلُ في أَرْكَانِ الاِسْتحْقَاقِ

وَهِي ثَلاثةٌ: المَأْخُوذُ والآخِذُ وَالمَأْخُوذُ مِنْهُ، "الأَوَّلُ: المَأْخُوذُ"، وَهوَ كَلُّ عَقَارٍ ثَابِتٍ مُنْقَسِمٍ، احْتَرَزْنَا بِالعَقَارِ عَنِ المَنْقُولِ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ لِلشَّرِيكِ لِخِفَّة الضَّرَرِ فِيهِ.

قال الرافعي: الشُّفْعَةُ مأخوذة من قولك: شفعت كذا بكذا، إِذا جعلته شَفْعاً به، كأَن الشفيع يجعل نصيبه شفعاً بنصيب صاحبه.

يقال: أصل الكلمة التقوية والإعانة، ومنه الشفاعة والشفيع؛ لأن كل واحد من الوِتْرين يقوى بالآخر، ومنه شاة شافع للتي معها ولدها لتقويها به (١)، وفسرت في الشريعة بحق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث، وفيه مجال لمضايقات:

منها: أن الشركة مأخوذة في هذا التفسير، ولو كان كذلك لما انتظم قولنا: هل تثبت الشفعة للجار أم لا؟ والأصل في الشُّفْعَة الأخبار التي نوردها متفرقة في الباب، وكل ما يدل على مسألة في باب يدل على ثبوت أصل ذلك الباب.

واحتج بعضهم بالاجماع، لكنه نُقِلَ عن جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ (٢) من التابعين وغيرهم


(١) الشفعة لغة: قال صاحب "المطالع": الشفعة: مأخوذة من الزيادة؛ لأنه يضم ما شفع فيه إلى نصيبه، هذا قول ثعلب. كأنه كان وتراً فصار شفعاً، والشافع: هو الجاعل الوتر شفعاً، والشفيع: فعيل بمعنى فاعل. نظر: الصحاح ٣/ ١٢٣٨، المغرب ٢٥٣، المصباح المنير ١/ ٤٨٥.
(٢) واصطلاحاً:
عرفها الحنفية بأنها: ضم ملك البائع إلى ملك الشفيع، وتثبت للشفيع بالثمن الذي بيع به رَضِي المتبايعان أو شرطاً.
عرفها الشافعية بأنها: حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث فيما ملك يعوض.
عرفها المالكلية: استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه.
عرفها الحنابلة بأنها: استحقاق انتزاع الإنسان حصّة شريكه من مشتريها بمثل ثمنها.
انظر: الإختيار ٢/ ٥٦، حاشية ابن عابدين ٥/ ١٣٧، فتح القدير: ٩/ ٣٦٨، المبسوط ١٤/ ٩٠، =

<<  <  ج: ص:  >  >>