للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الكتاب "ولو شهد عبْدٌ أو ذميٌّ" أي كان في الشهود عبد أو ذميٌّ، ويُقَاس به ما إذاكان الكُلُّ ذميين أو عبيداً، ولْيُعْلَم قوله "وجب حد القذف" بالواو لطريقة القولَيْن، ويجوز أن يُعْلَم قوله "حُدَّ الرَّاجِعُ" بالواو أيضاً، وقوله "والشهادة هي التي تؤدَّى في مجْلِس القضاء" إلى آخره مقصوده بيان موضِع الخلاف ما إذا لم يتمَّ العددُ، وكان الرميُ على هذه الصورة، وأما الرمي في غَيْر مجلس القاضي أولا بلفظ الشهادة، فهو قذْف بلا خِلاف.

فرْعٌ: شهد واحدٌ على إقراره بالزِّنا، ولم يتم العدد، حكى القاضي ابن كج فيه طريقَيْن:

أحدهما: أن في وجوب الحدِّ عليه الخلافَ المذكورَ، فيما إذا لم يتم الشهود على نفْس الزنا.

وأظهرهما: الجزم بالمَنْع؛ لأنَّه لا حدَّ على مَنْ قال لغيره: أقررتُ بأنَّك زنيت، وإن [ذكره] في معرض القذْف والتعيير.

فرْعٌ: لو تقاذَف شخْصان لم يتقاصَّا؛ لأن التقاصَّ إنما يكون عند اتفاق الجنْس والصفة، والحدان لا يتفقان في الصِّفَة، إذ لا يُعْلَم التساوي؛ لاختلاف القاذف والمقْذُوف في الخلْقَة و [في] القوة والضعْف غالباً هكذا ذكره إبراهيم المروروزي.

ومسائل الباب وفروعه قدْ سبَق معظمها في "كتاب اللعان"، والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: (الجِنَايَةُ الخَامِسَةُ: السَّرِقَةُ) وَالنَّظَرُ فِي ثَلاَثةِ أَطْرَافٍ: (الأَوَّلُ) في المُوجِبِ وَهُوَ السَّرِقَةُ، وَلَهَا ثَلاَثةُ أَرْكَانٍ: (الأَوَّلُ: المَسْرُوقُ) وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ نِصَاباً مَمْلُوكاً لِغَيْرِ السَّارِقِ مِلْكاً مُحْتَرَماً تَامّاً مُحَرَّزاً لاَ شُبْهَةَ فِيهِ فَهَذِهِ سِتَّةُ (الشَّرْطُ الأَوَّلُ: النَّصَابُ) وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ (ح م) مَسْكُوكٍ وَبِهِ يُقَوَّمُ السِّلَعُ، وَالرُّبْعْ مِنَ الذَّهَبِ الإبْرِيزِ، وَإِذَا لَمْ يُسَاوِ رُبْعاً مَضْرُوباً فَلاَ حَدَّ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَينِ، وَيُقْطَعُ فِي خَاتَم وَزْنُهُ سُدُسٌ وَقيمَتُهُ رُبْعٌ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوساً لاَ تَبْلُغُ نِصَاباً قُطِعَ، وَلَوْ سَرَقَ جُبَّةَ قيمَتُهَا دُونَ النِّصَابِ لَكِنْ في جَيْبِهَا دِينَارٌ وَهُوَ لا يَعْلَمُ قُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ أَخْرَج نِصَاباً في دَفَعَاتٍ فَلاَ قَطْعَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَخَلَّلَ اطِّلاَعَ المَالِكِ وَإعَادَةَ الحِرْزِ، فَإنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ يُفَرقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ طُولِ الزَّمَانِ المُتَخَلِّلِ وَقِصَرِهِ، وَخُرُوجُ البُرِّ مِنْ أَسْفَلِ الكَنْدُوجِ شَيْئاً فَشَيْئاً عَلَى التَّوَاصُلِ أَوْلَى بِأَنْ يُجْعَلَ فِي حُكْمِ دَفْعَةٍ مِنَ المُفَرَّقِ بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ جَرَّ المِنْدِيلَ شَيْئاً فَشَيْئاً فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، فَلَوْ أَخْرَجَ نِصْفَ المِنْدِيلِ وَتَرَكَ النِّصْفَ الآخَرَ فِي الحِرْزِ فَلاَ قَطْعَ وَإِنْ كَانَ المُخْرَج أَكْثَرَ مِنْ نِصَاب، وَلَوَ جَمَعَ مِنَ البَذْرِ المَبْثُوثِ فِي الأَرْضِ المُحَرَّزَةِ مَا بَلَغَ نِصَاباً قُطِعَ عَلَى الصَّحيحِ لِأنَّ الكُلَّ كَحِرْزٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>