للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أطلق صاحب "التهذيب" أن "البصرة" لا تَدْخُلُ في حكم السَّوَادِ، وإن كانت دَاخِلَةً في حَدِّهِ.

وفي "البحر" أن القاضي المَاوَرْدِيّ قال: حضرت الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ، وهو يدرس تحديد السَّوَادِ في "كتاب الرَّهْنِ"، وأدخل فيه "البصرة" ثم أقْبَلَ عَلَيَّ، وقال: هكذا تَقُولُ. فقلت: لا إنها كانت مَوَاتاً أَحْيَاهَا المُسْلِمُونَ، فأقبل على أصحابه وقال: عَلِّقُوا ما يَقُولُ، فإن أهل "البصرة" أعرف بـ"البصرة"، ولكن في اسْتِثْنَاءِ "البصرة" على الإِطْلاَقِ تَسَاهُلٌ أيضاً.

والثالث: وهو الذي أَوْرَدَه صاحب "التهذيب" وغيره أن "البصرة" ليس لها حُكْمُ السَّوَادِ، إلا في موضع من شرقي دِجْلَتِهَا يسمى "الفُرَات"، وموضع من غربي يسمى نهر "الصراة" وإنما سموها أَرْضَ السَّوَاد؛ لأنهم خَرَجُوا من البَادِيَةِ، فرأوا خضرة [الزرع والأشجار الملتفة، والخضرة] (١) ترى من البعد سَوَادًا، فقالوا: ما هذا السَّوَادُ؟. وأيضاً فبين اللَّوْنَيْنِ تَفَاوُتٌ، وقد أطلق اسم أحدهما على الآخر.

[الفصل الثالث في الخَرَاجِ الَّذِي ضُرِبَ على أرض السَّوَادِ]

ما يُؤْخَذُ من خَرَاجِ هذه الأَرَاضِي يَصْرِفُهُ الإمَامُ إلى مَصَالِحِ المسلمين والأهم منها فالأهم، ويجوز صَرْفُهُ إلى الفُقَرَاءِ والأَغْنِيَاءِ من أَهل الفَيْءِ وغيرهم، وقدر الخَرَاج في كل سَنَةٍ مَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ أن عمر -رضي الله عنه- بعث عُثْمَانَ بن [حنيف] (٢) مَاسِحَاً فَفَرَضَ على كل جَرِيبِ شَعِيرٍ دِرْهَمَيْنِ، وعلى كل جَرِيبِ حِنْطَة أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وعلى جَرِيبِ الشَّجَرِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ ستة دَرَاهِمَ، وعلى جَرِيبَ النَّخْلِ عشرة دراهم، وعلى جَرِيبِ الزَّيْتُونِ اثني عشر درهماً.

وعن رواية أبي مجلز أن ابن حنيف فَرَضَ على جَرِيب الكَرْم عشرة دراهم، وعلى جَرِيب النخل ثَمَانِيَةَ دَرَاهِم، وليس فيها ذِكْرُ الزيتون والبَاقي لما سبق وأقام مُقِيمُونَ الرِّوَايَتَيْنِ وجهين لِلأصْحَابِ، والمشهور الثاني على ما ادّعى صاحب "البيان".

وعن أبي حَنِيْفَةَ أنه سَاعَدَنَا في جميع ذلك، إلاَّ في الشَّعِيرِ والحِنْطَةِ، فإنه قال: يُؤْخَذُ من جَرِيبِ الشعير قَفِيزٌ ودرهم ومن جَرِيبِ الحِنْطَةِ قَفِيزٌ ودرهمان.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: أبي حنيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>