للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فصل في بيان ما يستحقه كل وارث من المجمع عليهم"

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمَّا فَرَغَ من بيانِ مَنْ يَرثُ وَمَنْ لا يَرِثُ مِنَ الأَقَارِبِ، تكلَّم فِيمَا يستحقُّهُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الوَرثَةِ، وتُقدِّم عليه أنَّ كُلَّ وارِثٍ: إمَّا أنْ يكونَ لَهُ سَهْمٌ مُقدَّرٌ في الكِتَابِ والسُّنَّةِ، ويُقَالُ لَهُ: صاحِبُ فرضٍ، أَوْ لاَ يكُونَ، ويقالُ لَهُ: عَصَبَةٌ، ولكنْ بشَرْطِ، وَهُوَ أنْ يكُونَ مُجْمَعًا عَلَى توريثِهِ، فإنَّ مَنْ وَرَّثَ ذَوِي الأَرْحَامِ لا يُسَمِّيهِمْ عَصَباتٍ، وإنْ لمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مُقدَّرٌ.

ثُمَّ أَصْحابُ الفُرُوض صنفان: منهم منْ لا يَرِثُ إلاَّ بالفرضيَّة؛ وهُم الزَّوْجَانِ، والأُمُّ، والجَدَّةُ، وولَدُ الأمِّ، ومنهم مَنْ يَرِثُ بالتَّعْصِيبِ أَيْضاً، ثم مِنْ هؤلاء من لا يَجْمَعُ بين الجِهَتَيْنِ دَفْعةً واحِدةً، بلْ إمَّا أنْ يَرِثُ بِهَذِهِ أو بِهَذِهِ، وهُمُ البَناتُ وَبَنَاتُ الابْنِ والأخواتُ من الأبَوَيْنِ، والأخواتُ من الأبِ.

ومنْهُمْ من يَرِثُ بالجهتَيْنِ جميعاً، وعلَى الانفرادِ، وهُوَ الأبُ والجَدُّ (١).

والعَصَبَةُ عَلَى ضربَيْنِ: عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ، وهُوَ كُلُّ ذَكَرِ يُدْلِي إِلَى الميِّتِ بغَيْرِ واسِطَةٍ أو بتَوَسُّطِ محْضِ الذُّكُورِ، وهَؤُلاءِ يأْخُذُونَ جميع المال إذَا انفَرَدُوا.

والباقي بعد أصحابِ الفرائِضِ عنْدَ الاجْتماع، ورُبَّما سَقَطُوا (٢).

وعصبة بِغَيْرِهِ، وهمُ البَناتُ وبنَاتُ الابْنِ، والأخَوَاتُ من الأبوَيْنِ، والأخواتُ من الأب، فيتَعصَّبْنَ بإخوتهن، ويتعصَّبُ الأخواتُ من الجهتين بالبناتِ وبناتِ الابْنِ أيضاً (٣)، وقد تُجُعَلُ العَصَبَةُ عَلَى ثَلاثَةِ أضْرُبٍ:


(١) كلام الشيخ يشعر بالحصر، وليس كذلك فالأخ الشقيق يشارك الأخوين من الأُم في الثلث كما ذكره الشيخ فيما بعد.
(٢) قال النووي [: هذا الذي قاله في حد العصبة، غير مطرد ولا منعكس، فإنه يقتضي دخول الزوج -فإن الغزالي وغيره عدوَّه ممن يدلي بنفسه- وخروج المعتقة، فينبغي أن يقول: هو كل معتق وذَكَر نسيب يدلي إلى آخره].
وقد أجاب في التنقيح عن الأول بأن المراد العصبة من جهة النسب فلا يدخل الزوج فإنه مما يدلي بنفسه فلو قيل بالنسب استقام، وما اختاره من الضابط ناقص أيضاً فإنه لا يدخل فيه معتق العصبة والأحسن أن يقال كل ذي ولاء ذكر نسيب لا يدلي بمحض أنثى.
(٣) ويلتحق به الأخوات مع الجد، فإنه يعصبهم ويكون كالأخ كذا قالوا، وفيه إشكال لأنه لا يخلو إما أن يكون مع الأُخت كالأخ الشقيق أو من الأب أو من الأُم أو أخ رابع ولا جائز أن يكون كالأخ الشقيق وإلا لحجب الأخت من الأب ولا جائز أن يكون كالأخ من الأب وإلا لحجبته الأُخت الشقيقة ولا جائز أن يكون كالأخ من الأُم، فإنه لا تعصب وليس لنا أخ رابع وقد يكون مرادهم بكونه كالأخ أي من جهة الأُخوة من غير نظر إلى أفرادها.

<<  <  ج: ص:  >  >>