للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن صاحب "التقريب" احتمال على قولنا بانتقال الملكِ إلى المشتري، وإن شرط الخيار للمشتري وحده، فإن قلنا: الملك له، ففي أخذه بالشفعة قولان رواية الرَّبِيْعِ واختيار أبي إسحاق المنع، وبه قال مَالِكٌ وأحْمَدُ؛ لأن المشتري لم يَرْضَ بلزوم العقد، وفي الأخذ إلزام وإثبات للعهدة عليه.

ورواية المُزَنِيِّ يؤخذ، وبه قال أبُو حَنِيفَةَ؛ لأنه لا حَقَّ فيه إلاَّ للمشتري، والشفيع مسلط عليه بعد لزوم الملك، واستقراره، فقبله أولى.

وهذا أصح عند عامة الأصحاب، ونقل الإمام وصاحب الكتاب في المسألة طريقين:

إحداهما: إثبات القولين هكذا، لكن قالا: هما مأخوذان من الخلاف الذي نذكره فيما بعد إذا اطلع المشتري على عيب بالشِّقْصٍ، وأراد ردّه، وأراد الشفيع أخذه، فعلى رأي للشفيع قطع خيار المشتري في الصُّورتين، وعلى رأي لا يمكن منه.

والثاني: القطع بأنه لا يأخذه إلاَّ أن يلزم العقد، والفَرْقُ بين الرد بالعيب وبينه أن الآخذ بالشفعة يفتقر إلى استقرار العقد وتمامه.

واعلم أن هذه الطريقة الثانية لا تكاد توجد في غير كتابنا، والذهاب على الطريقة الأولى إلى تخريج قولين من الخلاف في الرَّدِّ بالعيب بعيد، مع أن الجمهور حكوهما عن النص.

ولو عكس، وقيل: الخلاف في الرد بالعيب مأخوذ من الخلاف هاهنا لكان أشبه، هذا إذا فرعنا على أن الملك للمشتري.

أما إذا قلنا: إنه بعد للبائع، أو موقوف والمشتري منفرد بالخيار، فعن صاحب "التقريب" وجه أن الشفيع يأخذ الشقص لانقطاع سلطة البائع بلزوم العقد من جهته.

والأصح: المنع؛ لأن ملك البائع غير زائل على التقدير الأول، وغير معلوم الزوال على الثاني، وعلى الأول إذا أخذه الشفيع تبينًّا أن المِلْكَ للمشتري قبل أخذه، وانقطع الخيار.

[فرع]

باع أحد الشريكين نصيبه بشرط الخيار، ثم باع الثاني نصيبه في زمان الخيار بيع بَتَاتٍ، فلا شُفْعَةَ في المبيع أولاً للبائع الثاني؛ لزوال ملكه، ولا للمشتري منه، وإن تقدم ملكه على ملك المشتري الأول إذا فَرَّعْنَا على أنه لا يملك في زمان الخيار؛ لأن سبب الشفعة البيع، وهو سابق على ملكه.

وأما الشفعة في المبيع ثانياً فَمَوْقُوفَة، إن توقفنا في المِلْك، وللبائع الأول إن أبقينا

<<  <  ج: ص:  >  >>