للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، أو آلَى منها فَطَلَّقَهَا بعد المُدَّةِ بطلبها (١) وحكى الحناطي وَجْهاً آخر في التَّعْلِيقِ بِفَعْلِهَا، وفي صورة الإِيلاَءِ.

ولو ارْتَدَّ الزوجان مَعاً ففي المُتْعَةِ وجهان كالوجهين في الشَّطْرِ إذا ارْتَدَّا معاً قبل الدخول والأصح: المَنْعُ، وإن كانت الفُرْقَةُ من جِهَةِ المَرْأَةِ، أو بسبب فيها لم تَجِب المُتْعَةُ، كما لا يجب نِصْفُ المَهْرِ قبل الدُّخُولِ، وذلك كَرِدَّةِ المرأة، وِإسْلاَمِهَا، وفسخها بِإعْسَارِ الزوج، أو بِعِتْقِهَا، والزوج رَقِيقٌ، وكَالفَسْخِ بِالغُرُورِ، وفَسْخِهِ بعَيْبِهَا وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ. حكى المُزَنيُّ أن لها المُتْعَةَ إذا فَسَخَتْ بالعُنَّةِ، واعترض عليه، فمن الأصحاب من جعله قَوْلاً آخر، وقال: هي مَعْذُورَةٌ في الفَسْخ.

والأكثرون لم يثبتوه، وقالوا: الاعْتِرَاضُ صَوَابٌ، والنقل سَهوٌ.

ولو زوج الذِّمِّي ابنته الصغيرة من ذِمِّيِّ، ثم أسلم أَحَدُ أبويها، وارتفع النِّكَاحُ حكمنا بإسلامها، فلا مُتْعَةَ لها، كما لو أسْلَمَتْ بنفسها، ولو اشترى الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ، فالنَّصُّ في رواية المزني أنه يسقط المُتْعَة على ما قَدَّمْنَا في الفَصْلِ الخامس من القسم الخامس من "كتاب النِّكاح" وهو الظَّاهِرُ.

وعن "الإِملاء" أن لها المُتْعَةَ؛ لأن سَبَبَ الفُرْقَةِ حَصَلَ من الزوج وغيره، فأشبه الخُلْعَ. ومن أبي إِسْحَاقَ: أنه إن استدعى الزوج الشراء، وَجَبَتِ المُتْعَةُ، وإن اسْتَدْعَاهُ السيد لم تجب. ويستوي في المُتْعَةِ المُسْلِمُ والذمي، والحُرُّ والرقيق، والحرة والرقيقة، وهي في كَسْبِ الزوج الرقيق ولسيد الزوجة الرقيقة كالمَهْرِ.

وقوله في الكتاب: "وكل مُطَلَّقَةٍ قَبل المَسِيسِ تَسْتَحِقُّ شَطْرَ المَهْرِ" هي المُفَوِّضَةُ قبل الفرض. وقوله: "فَتَسْتَحِقُّ المُتْعَةَ" مُعَلَّمٌ بالميم.

وقوله بعد ذلك: "فتستحق المتعة" مُعَلَّمٌ بالحاء، ويجوز أن يُعَلَّمَ بالألف أيضاً لإِحدى الروايتين عن أحمد. وقوله: "وفي معنى الطَّلاَقِ كُلُّ فراق يوجب التَّشَطُّرَ" أي: إذا اتَّفَقَ قبل الدخول "فإذا لم يَتَشَطَّرْ" لوقوعه في صورة التفويض.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَمِقْدَارُهَا كُلُّ مَا جَازَ أنْ يَجْعَلَ صَدَاقاً، وَقِيلَ: مَا يَرَاهُ القَاضِي لاَئِقاً بِحَالِهِمَا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ خَاتَمٍ، وَينْبَغِي أنْ يُحَطَّ عَنْ شَطْرِ المَهْرِ كَمَا يُحَطُّ التَّعْزِيرُ عَنِ الحَدِّ.

" القَوْلُ في قَدْرِ المُتْعَةِ"

قال الرَّافِعِيُّ: الكلام في قَدْرِ المُتْعَةِ: في المُسْتَحَبِّ منه، وفي الوجب أما


(١) قال النووي: ويجيء هذا الوجه في تطليقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>