للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغطية رأس الإناء هينة، وإصغاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أنه كان عند العلم بالطهارة، أو عدم العلم بالنجاسة، وإن لم يتيقن عند الولوغ أن فمها نجس، بعدُ، فإن غابت، واحتمل ولوغها في ماء كثير، أو ماء جارٍ (١) فهل ينجس؟ وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه ماء معلوم الطهارة، فلا يحكم بنجاسته بالشك.

والثاني: نعم استصحاباً لنجاسة الفم، إذ لم تتيقن طهارته، والأول: أظهر، وصاحب الكتاب قد جمع بين الحالتين، وجعل المسألة على ثلاثة أوجه، وهو حسن لكن اختار تعميم العفو هو خلاف ما صححه معظم الأصحاب والله أعلم.

فَصْلٌ فِي غسالَةِ النَّجَاسَةِ

قال الغزالي: السَّابعُ- غُسَالَة النَّجَاسَةِ إِنْ تَغَيَّرَتْ فَنَجِسَة وَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرُ فَحْكْمُهَا حُكْمُ المَحَلِّ بَعْدَ الغَسْل إِنْ طَهَّرَ فَطَاهِرٌ (ح) وَفِي القَدِيم: هِيَ طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ المَحَلِّ قَبْلَ الغَسْلِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُة في رَشَاشِ الغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ وُلُوغِ الكَلْبِ.

قال الرافعي: الماء المستعمل في إزالة النجاسة وهو الغُسَالَةُ، إما أن يتغير بعض أوصافهِ بالنجاسة فهو نجس، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِلاَّ مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ"، أو لا يتغير ففيه ثلاثة أقوال:

الجديد: أن حكمه حكم المحل بعد الغسل إن كان نجساً بعد فهو نجس، وإلا فطاهر غير طهور؛ لأن البلل الباقي في المحل بعضه، والماء الواحد القليل لا يتبعض في الطهارة، والنجاسة، وإنما حكمنا بسقوط الطهورية لما سبق في المستعمل في الحدث.

والثاني: وهو مخرج على الجديد، أنه نجس؛ لأنه ماء قليل أصابته نجاسة، والعبارة عن هذا القول أن حكم الغُسَالَةِ حكم المحل قبل استعمالها فيه، كما في المستعمل في الحدث، ومنه خرج.

والثالث: وهو القول القديم: أنه طاهر طهور بكل حال، لما سبق في توجيه [القول] (٢) القديم في المستعمل في الحدث، والعبارة عنه أن حكم الغُسَالَةِ حكمها قبل الوُرُودِ على المَحِلِّ، ومنهم من يعبر عن هذا الخلاف بالوجوه؛ لأنها غير منصوصة ويخرج على هذا الخلاف: غسالات الماء المستعمل في إزالة نجاسة الكلب فلو تطاير


(١) قال النووي: وغير الماء من المائعات كالماء. والله أعلم. الروضة ١/ ١٤٤.
(٢) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>