للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمن العبد لم ينفذ الشراء ولا الإِعْتَاق، وعليه شراء جارية أخرى بهذا الثمن، وإعتاقها عن الموصي، هكذا أطلقه الأصحاب، ولاَ بُدَّ فيه من تَقْييدٍ وتأويل، لأن بيعه بالعَيْن وتسليمه عن علم وبصيرَةٍ بالحال خِيَانَةٌ، والأمين ينعزل بالخيانة، فلا يتمكّن من شراء جارية أخرى (١)، -والله أعلم-.

قال الغزالي: (النَّظَرُ الثَّالِثُ) فِي حُكْمِ العَقْدِ قَبْلَ القَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَلاَ بُدَّ مِنْ بَيَانِ حُكْم وَصُورَتهِ وَوُجُوبِهِ (أَمَّا الحُكُمُ) فَهُوَ انْتِقَالُ الضَّمَانِ إِلَى المُشْتَرِيَ وَالتَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ إِذِ المَبِيعُ قَبْلَ القَبْضِ في ضَمَانِ البَائِعِ (م)، وَلَوْ تَلِفَ انْفَسَخَ العَقْدُ، وَإِتْلاَفُ المُشْتَرِي قَبْضٌ مِنْهُ، وإِتْلاَفُ الأجْنَبِيِّ لاَ يُوجِبُ الانْفِسَاخ عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ، وَلَكنْ يَثْبُتُ الخِيَارُ لِلمُشْتَرِي، وَإِتْلاَف البَائِعِ كإِتْلاَفِ الأَجْنَبيِّ عَلَى الأَصَحِّ.

قال الرافعي: مقصود هذا النظر بَيَانُ حكم المَبِيع قبل القبض وبعده على ما فَصَّلناه في أول البيع، وتكلم حجة الإسلام -رحمه الله- فيه في ثلاثة أمور:

أحدها: حكم القَبْض وثمرته.

والثانى: أَنَّ القَبْضَ بِمَ يَحْصُل؟

والثَّالث: وجُوبُهُ والإِجْبَار عليه.

أما الأول فَلِلْقبض حكمان:

أحدهما: انتقال الضَّمَان إِلَى المُشْتَري، فإن المبيع قبل القبض مِنْ ضمان


(١) ليس في كلام الأصحاب، أنه باع بالغبن عالماً، فالصورة مفروضة فيمن لم يعلم الغبن، ولا يحتاج إلى تكلُّف تصويرها في العالم وأن القاضي جدَّد له ولاية. وهذه مسائل ألحقتها. لو اضترى سلعة بألف في الذمة، فقضاه عنه أجنبي متبرِّعاً، فردت السلعة بعيب، لزم البائع رد الألف. وعلى من يردّ؟ وجهان:
أحدهما: على الأجنبي، لأنه الدافع.
والثاني: على المشتري، لأنه يقدر دخوله في ملكه. فإذا رد المبيع، رد إليه ما قابله، وبهذا الوجه قطع صاحب "المعاياة" ذكره في باب الرهن. قال: ولو خرجت السلعة مستحقة، رد الألف على الأجنبي قطعاً، لأنا تبينّا أن لا ثمن ولا بيع. قال أصحابنا: إذا انعقد البيع، لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد سبعة أسباب، خيار المجلس، والشرط، والعيب، وخلف المشروط المقصود، والإقالة، والتحالف، وهلاك المبيع قبل القبض. قال القفال، والصيدلاني، وآخرون: لو اشترى ثوباً وقبضه وسلَّم ثمنه، ثم وجد بالثوب عيباً قديماً، فردَّه، فوجد الثمن معيباً ناقص الصفة بأمر حدث عند البائع، يأخذه ناقصاً، ولا شيء له بسبب النقص. وفيه احتمال لإمام الحرمين، ذكره في باب تعجبل الزكاة. ينظر الروضة ٣/ ١٥٤ - ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>