للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتقْدِيرَهَا، وتقريرها فَيُشْتَرَطُ أنْ يكُونَ مسلماً، حُرّاً، مُجْتَهِداً، عارفاً بالحِسَاب والمسَاحَةِ، وإِن ولي جباية أَموالها بَعْدَ تقرُّر جهاتها، سقَطَ اعْتِبارُ الشَّرْطِ الثالث، وإنْ ولي جبايةَ نَوْعٍ، خاص من أموال الفَيْء، نُظِرَ: إِنْ لم يستغْنِ فيه عن استنابةٍ، اعتبر فيه الإِسْلاَم، والحرية، والاضْطِلاعُ بشَرْط ما ولي من حسَابٍ أو مساحةٍ؛ لما فيه من معْنَى الولاية، وإِن استغنى عن الاستنابة، جاز أَن يكُونَ عبداً؛ لأَنه كالرسول المأمور، فأما كونه ذمِّيّاً، فإن كانَتْ جبايَتُهُ من أَهلِ الذِّمَّة؛ كالجزية، وعشر التجار، جاز أَن يكون ذِمِّيّاً، وإِن كانَتْ من المسلمين؛ كالخَرَاج الموضوع عَلَى رقاب الأَرضِينَ، إِذا صارَتْ في أيدي المسْلِمِينَ، ففي جواز كَوْنه ذِمِّيّاً وجهان، وإِذَا فسدَتْ ولايةُ العامِلِ، وقبض المال مع فسادِها برئ، الدافع؛ لأن الإِذنَ يبقَى، وإِن فسدت الولايةُ، نعم، لو نَهى عن القبض بَعْد فسادِها، لم يبرأ الدافع بالدَّفْعِ إِليه، إن علم بالنَّهْي، وإن لم يعلم النهي، فوجهان؛ كالوكيل (١)، ذكر ذلك كلَّه المَاوَرْديُّ، والله أعلم.

البَابُ الثَّانِي في قِسْمَةِ الغَنَائِمِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالغَنِيمَةُ كُل مَالٍ أَخَذَهُ الفِئَةُ المُجَاهِدَةُ عَلَى سَبِيلِ الغَلَبَةِ، فَخُمُسُهَا مَقْسُوم كَخُمُسِ الفَيْءِ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلغَانِمِينَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد ذكَرْنا أنَّ الغنيمةَ: هيَ المَالُ الَّذي يأخذه المسلِمُون من الكُفَّار بإيجاف الخَيْل والرِّكَابْ.

قال في "التَّهذيب": سواءٌ ما أَخَذَوهُ من أيديهِمْ قَهْراً، وما استولوا عليه بَعْد ما هزمناهم في القتال فتركوا المَالَ، وما كانَتِ الغنائمُ تَحِلُّ للأنبياء -عليهم السلام- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم إِنَّهَا أحلت له، ولأمته، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "أُعْطِيتُ خَمْساً لَم يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي" فذكر منها إحْلاَلَ الغنَائِمِ (٢)، وكانت في أَولِ الأمرِ له خاصَّةً يصْنَعُ بها ما يشاء، وفي


(١) قال النووي: قال الماوردي: إذا تأخر الحطاء عن المثبتين في الديوان عند استحقاقهم، وكان المال حاصلاً، فلهم المطالبة كالديون. وإن أعوز بيت المال، كانت أرزاقهم ديناً على بيت المال، وليسى لهم مطالبة ولي الأمر به. قال: وإذا أراد ولي الأمر إسقاط بعضهم لسبب، جاز ويغير سبب، لا يجوز. وإذا أراد بعضهم إخراج نفسه من الديوان، جاز إن استغنى عنه، ولا يجوز مع الحاجة، إلا أن يكون معذوراً. قال: وإذا جرد الجيش للقتال، فامتنعوا وهم أكفاء من حاربهم، سقطت أرزاقهم. وإن ضعفوا عنه، لم تسقط. وإذا جُرِّد أحدهم لسفر، أعطي نفقة سفره إن لم يدخل في تقدير عطائه، ولم يعط إن دخل فيه. وإذا تلف سلاحه في الحرب، أعطي عوضه إن لم يدخل في تقدير عطائه، وإلا، فلا.
(٢) متفق عليه من حديث جابر، ولهما من حديث أبي هريرة: لم تحل الغنائم لأحد قبلنا. الحديث، وفيه قصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>