قَالَ الرَّافِعِيُّ: لو تخلَّل المُهْدِر، إذا جرح مسلم مسلماً، فارتد المجْرُوح، ثم عاد إلى الإِسلام، ومات بالسراية، وجَبَتِ الكفَّارة، والنصُّ في "المختصر" و"الأم" أنه لا يجب القِصَاصُ، وفيما إذا جرح ذميٌّ ذميّاً أو مستأمَناً، فنقض المجروح العَهْدَ، والتحق بدار الحرب، ثم جدد العَهْد، ومات بالسراية عن رواية الصيدلانيِّ وغيره: أن النصَّ أنه يجب القصاص، وحكى القاضي ابن كج والامامُ فيهما طريقَيْن عن الأصحاب.
أصحُّهما: أن في الصورتَيْن قولَيْن، وكذلك نقل الأكْثَرُون عن "الأمِّ" النصَّ على القولين في صورة نقْض العهد:
أحدهما: يجب القصاص؛ لأنه مضمونٌ بالقصاص في حالَتَي الجرح والموْت، ولا نَظَر إلى ما يتخلَّلُها.
والثاني: لا يجب؛ لأنه انتهَى إلَى حالةٍ لو ماتَ فيها، لم يجِبِ القِصاص، فصار ذلك شبْهةً دارئةً للقصاص.
والطريق الثاني: تنزيل النصين على حالَيْن؛ حيث قال:"لا يجب القصاص" فذلك إذا طالت مدة الإهدار، بحيث يظهر أثر السراية، ويُجْعَل له وقْعٌ واعتبارٌ، وحيث قال:"يجب" فذاك إذا قصرت المدة بحيث لا تجعل للسراية فيها اعتبار، وَوَقْعٌ، وإذا قلْنا بطريقة القولَيْن، ففي موضعها طريقان:
أحدهما: تخصيصهما ما إذا قصرت المدَّة، فإن طالَتْ، لم يجِب القصاصُ بلا خلاف؛ لأن القصاص يتعلق بالسراية والجناية معاً، أَلاَ ترى أنَّه لو جرح مُسْلماً، فارتد أو مرتدّاً فأسْلَم، لا يجب القصاصُ، وإذا حصَلَتِ السرايةُ المُؤثِّرة في زَمَان الإهْدَار، كان كما لو جرح جراحةً في الإِسلام، وأُخْرَى في الردَّة، وصورة القولَينْ في نقْض العهد عند هؤلاء ما إذا كان في جوار، دَارِ الحرْبِ فالتحق بها، وعاد، وجدَّد العهْد في زمانٍ خفيفٍ.
والثاني: طرْد القولين في الحالتين، حكاه القاضي ابن كج عن ابن سُرَيْج وابن