للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُهُمَا: نعَمْ؛ لأنَّه موهُوبٌ مِمَّن للجَدِّ الرجُوعُ في هبته.

والثاني: لاَ؛ لأنَّ المِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفادٍ منْه.

ولو باعه منْه، أوِ انتقل بمَوته إلَى ابنه، فكلامُ صاحبُ "التهذيب" يقتضي القَطْع بالمَنْع، وفي "الشامل" طرد الوجْهين في صُورة المَوْت، وفي "التتمة" الطَّرْدُ في البيع أيضاً، والأصحُّ في الكلِّ المنعُ (١).

والقسم الثاني: أن يكونَ باقياً في سُلْطته فإن كان بحَاله أو ناقِصاً فله الرجوعُ، وليس على الابن أرْشُ النقصان، وإنْ كان زائداً، نظر؛ إن كانتِ الزيادةُ متَّصِلةَ كالسماء وتعلُّم الحرفة، رَجَعَ فيه مع الزِّيادة، وإنْ كانتْ منفصلةً؛ كالوَلَد والكَسْب، رجَع في الأصْل، وبقيتِ الزِّيادة للمتَّهِب، وإذا وهَب جاريةً أو بهيمةً حاملاً فرجع قبْل الوَضْع، رجَع فيها حاملاً.

وإنْ رجع [فيها] بعد الوَضْع فإنْ قُلْنا: يعرف الحمْل (٢)، رجع في الأمِّ والولد.

وإن قلنا: لا يعرف لم يرجع إلاَّ في الأمِّ، ويرجع في الحال أمْ عَلَيْه الصَّبْرُ إلى الوضع؟ فيه وجهان حَكَاهُمَا في "التهذيب". ولو وهَبَ منْه حَبّاً، فبَذَرَه، ونَبَتَ، أو بَيْضاً، فصارتَ فَرْخاً، فلا رُجُوع؛ لأنَّ مالَه صارَ مُسْتَهْلَكاً. قالَ صاحِبُ "التهذيب": هذا إذا ضَمَّنا الغاصِبَ بذلك، وإلاَّ، فقد وجد عين ماله، فيرجَعْ فيه.

ولو كان المَوْهُوب ثَوْباً، فصبَغَه الابْنُ، رَجَعَ في الثوب، والابن شريكٌ بالصَّبغ، ولو قصره، أو كان الموهُوبُ حِنْطَةً، فطحنها، أو غَزْلاً فَنَسَجَه، فإنْ لم تزدْ قيمته، فللأبِ الرجُوعُ، ولا شيْءٌ للابْن، وإن زادت، فإنْ قلْنا: القصارة عَيْنٌ، فالابنُ شريكٌ، وإن قلنا: أثر، فلا شَيْءَ له.

ولو كانت أرضاً فبَنَى فيها الابْنُ، أو غَرَسَ، رجَع الأبُ في الأَرْض، وليس له قلْعُ البناءِ والغِرَاسِ مَجَّاناً، لكنَّه يتخيَّر بين الإبقاء بالأُجْرَة، أو التملك بالقيمة، أو القَلْع وغرامة النُّقْصَان، كما في العَارِية.

[فرع]

عن أبي الحُسَيْن: إنْ وطئَ الابْنُ الجاريةَ المَوْهُوبة يمنع الرجُوع، وإن عرى عنِ


(١) قال النووي: ولو وهب المتهب لأخيه من أبيه، قال في "البيان": ينبغي أن لا يجوز للأب الرجوع قطعاً؛ لأن الواهب لا يملك الرجوع، فالأب أولى. ولا يبعد تخريج الخلاف لأنهم عللوا الرجوع بأنه هبة لمن للجد الرجوع في هبته، وهذا موجود هنا.
(٢) عبارة الروضة: فإن قلنا للحمل حكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>