للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرعان]

الأول: لو قال: انْكَحْ مَنْ شِئْتَ [بما شئت] (١) ذكر بعضهم أنه يبطل الإِذن؛ لأنه رَفَعَ الْحَجْرَ بِالْكُلِّيَّةِ.

الثاني: قال ابنُ كَجٍّ: الإِذن للسَّفِيهِ في النِّكَاحِ لا يفيده جَوَازُ التَّوكِيلِ؛ لأنه لم يَرْفَعِ الْحِجرَ إلاَّ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ.

الطريق الثاني: قَبُولُ الْوَلِيِّ النِّكَاحَ له هَلْ يشترط فيه إذن السفيه؟ قال قائلون: لا؛ لأنه فَوَّضَ إليه رعاية مصالحه فإذا عَرَفَ حاجته زوجه كما يكسوه ويطعمه وعلى هذا ينطبق كَلاَمُ الشَّيخِ أبي حَامِدٍ، وَأَصْحَابِنَا العراقيين.

وقال آخرون: نعم؛ لأنه حر مُطَلَّقٌ، فلا بدّ من استئذانه، وهو الأصح واعلم أنَّ الشَّافِعِىَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ذَكَرَ في "الْمُخْتَصَرِ" أنَّ السَّفِيْهَ يزوجه وليه، وَرُبَّمَا استأنس الأولون بظاهره والآخرون يحملونه على أصل التزويج، ثُمَّ تراعى شرائطه وقد نقل عن رواية الربيع أنه لا يزوجه وليه، واتفعَوا على أنَّهُ لَيْسَ اخْتِلاَفُ قَوْلٍ، ولكن حَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا فِي رِوَايَةِ الرَّبِيع على القيّم الذي لم يأذن له الحاكم في التزويج، وبعضهم على ما إذا لم يحتج السَّفِيْهُ إلى النِّكاح، وإذا قبل الولي النِّكَاحَ له، فليقبل بمهر المثل، أو دونه، فإن زاد كما لو قبل الأب لابنه بأكثر من مَهْرِ الْمِثْلِ.

ففي قول: يَبْطُلُ النِّكَاحُ وفي آخَرَ يَصِحُّ [بمهر المثل] (٢) وهو الأصَحُّ.

وإذا عَرَفْتَ جميع ذلك [عَلِمْتَ] (٣) قَوْلَهُ في الكتاب: "فلا يجبر" بالواو.

وكذا قوله: "ولكن يتزوج بإذن الولي".

وقوله: "وصح الْعَقْدُ".

وقوله "بِشَرْطِ إلاَّ يُنْكِحَ عَلَى خِلاَفِ الْمَصْلَحَةِ" إِلَى آخِرَهُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإِنْ نَكَحَ بِغَيْر إِذْنٍ فَسَدَ، وَلَمْ يَجِبِ الْمَهْرُ بِوَطْئِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى شَيْئاً وَأُتْلِفَ، وَقِيلَ: يَجِبُ تَعَبُّداً، وَقِيلَ يَجِبُ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ، فَإِذَا الْتَمَسَ النِّكَاحَ فَأَبَى الوَلِيُّ أَذِنَ السُّلْطَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَحَّ اسْتِقْلاَلُهُ عَلَى وَجْهٍ، وَلَهُ أَنْ يُطَلِق بِكُلِّ حَالٍ، وَلاَ يَدْخُلُ تَحْتَ الحَجْرِ طَلاَقٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: فيه ثَلاَثُ مَسَائِلَ نَشْرَحُهَا، ونضم إليها ما لا غنى عن معرفته.


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>