تدارك الزمان المصروف إليه؟ بنظر إن نذر مُدَّة غيرَ معينة كَشَهْرٍ مُطْلَق، أو عشرة مُطْلَقَة فيجب التَّدارك ليتم المدة المنذورة، وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك الغرض مَنْزلة قَضَاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به، وإن عين المدة فنذر اعتكاف هذه العشرة أو شهر رمضان فلا يجب التّدارك، لأنه لم ينذر إلا اعتكاف ما عدا ذلك الزَّمان من العشرة.
وقوله في (إلاَّ أن يعين الشهر) لا يخفى أن ذكر الشهر جرى على سبيل ضَرْب المثال للمدة المعينة، وقوله:(فيحتمل استثناؤه على نقصان الوقت لا على قطع التتابع فقط) معناه لا على نفي قَطْعِ التتابع فَحَذَفَ المُضَافَ وهو النفي هذا لا بد منه وهو مبين في "الوسيط" ثم الكلام بعد ذلك يحتمل من حيث اللفظ محملين. أحدهما: أن الاستثناء محمول فيما إذا كانت المدة مطلقة على نَفْي قَطْعِ التتابع فقط، إذ لا ضرورة إلى حمله على نقصان المُدَّةِ كما سبق، وهو يقول: إذا كانت المدة معينة يحمل الاستثناء على نقصان الوقت لا على ما حمل عليه عند الإطلاق، وهو نفي قطع التتابع فقط.
والثاني: أن يقال: أراد به أنه لا يحمل عند التعيين على نَفْي قَطْعِ التَّتَابُعِ فقط بل عليه وعلى نُقْصَانِ الوَقْتِ، والوجه حمله على الأول، لأن الثاني يَقْتَضِي إفَادَته نفي قطع التَّتابع، وإنما يفيده أن لو كان التَّتابع مَرْعِيَّاً فيه ليقع الاستثناء صَائِناً له عن الانقطاع، وقد قدمنا أن التتابع غير مرعى عِنْدَ تَعَيّنِ الزَّمان، نعم لو فرض التعرض للتتابع مع تعيين الزَّمان، وفرعنا على أن التتابع حينئذ يكون مَرْعِيَّاً فينتظم المحمل الثاني أيضاً -والله أعلم-.