للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسُافِر، فإذا مرض أو سافر فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ ولو نذر صَلاةً وشرط الخروج منها إن عَرَضَ عَارِضٌ أو صوماً وشرط الخروج منه إن جَاعَ، أو أُضِيف ففيه وجهان:

أحدهما: وبه أجاب الأكثرونَ: أنه يِصَح هذا الشَّرط كما في الإعتكاف.

والثاني: لا يصح، ولا ينعقد النّذر ويخالف الإعتكاف؛ لأن ما يتقدم منه على الخروج عبادة، وبعض الصَّلاة، والصَّوم ليس بعبادة.

ولو فرض ذلك في الحَجّ انعقد النذر كما الإحرام المَشْروط، ولكن في جواز الخُروج القولان المَذْكُوران في كتاب "الحَجِّ" و"الصوم" و"الصلاة" أولى الخروج منهما عند أئمتنا العراقيين؛ لأنهما لا يلزمان بالشروع والالتزام مشروط، فإذا وجد العارض فلا يلزم، والحج يلزم بالشروع، وجعل الشَّيخ أبو محمد الحَجَّ أولى بجواز الخروج منه؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- "أَمَرَ ضباعَةَ بِالإهْلاَلِ بِشَرْطِ التَّحلُل (١)، ولو نذر التَّصَدُّق بعشرة دراهم، أو بهذه الدارهم إلا إن تعرض حاجة ونحوها فعلى الوجهين، والأظهر صِحَّةُ الشَّرَطِ فإذا احتاج فلا شيء عليه، ولو قال في هذه القربات كلها إلا أن يبدو لي فوجهان.

أحدهما: أنه يصح الشَّرَط فلا شيء إذا بَدَا له كَشَرْطِ سَائِرِ العَوَارِضِ.

وأظهرهما: وبه قال الشيخ أبو محمدَ لا يصح؛ لأنه تعليق الأمر بمجرد الخيرة، وذلك يُنَاقِض معنى الالتزام.

فإن قلت: إِذَا لَمْ يَصِح يبطل الالتزام مِنْ أَصْلِهِ، أو يلغى الشرط ويصح الالتزام.

فالجواب: أن صاحب "التهذيب" حكم بعدم انعقاد النذر على قولنا: لا يصح شرط الخروج في الصَّوْمِ والصلاة، وروى الإمام وجهين في صورة تقارب هذه وهي ما إذا نذر اعتكافاً متتابعاً، وشرط الخروج مهما أَرَاد، قال هذا ضد التتابع فكأنه التزم التتابع ثم نفاه، ففي وجه يبطل الالتزام التتابع، وفي وجه يَلْزَم التتابع ويبطل الاستثناء، وشبه ذلك بشرائط فَاسِدة تقرن بالوقوف فإنا في مَسْلَك يبطل الشَّرط، وينفذ الوقف من أصله وفي مسلك يبطل الوقف من أصله والله أعلم.

قال الغزالي: ثُمَّ الزَّمَانُ المَصْرُوفُ إلَى غَرَضِ المُسْتَثْنِى يَجِبُ قَضَاؤُهُ إِلاَّ أَنْ يُعَيِّنَ الشَهْرَ فَيُحْمَلُ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَى نُقْصَانِ الوَقْتِ لاَ عَلَى قَطْعِ التَّتَابُعِ فَقَطْ.

قال الرافعي: إذا شرط الخروج لغرض وصَّحَّحْنَاه فخرج لذلك الغرض هل يجب


(١) سيأتي في الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>