للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: حكى أبو الفرج وجهاً: أنه إن أقام في الجنون عند بعضهن قضى للباقيات.

والثاني؛ وهو المذكور في "التتمة" أنه يراعي القَسْم في أيام الإِفاقة، والولي يراعيه في أيام الجنون ويكون لكل واحدة نَوْبَة من هذه ونوبة من هذه، وهذا أحسن، ولو لم يكن تَقَطُّعٌ مضبوطٌ، وقسم الولي لواحدة في الجنون وأفاق في نوبة الأخرى، فالذي نقله صاحب الكتاب: أنه يقضي ما جرى في الجنون؛ لما كان فيه من النقصان.

قال الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي): في مَكَانِ القَسْمِ وَزَمَانِهِ (أَمَّا المَكَانُ) فلاَ يَجُوز أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضرَّتَيْنِ في مَسْكنٍ وَاحِدٍ إِلاَّ إِذَا انْفَصَلَتِ المَرَافِقُ، وَلَهُ أن يَسْتَدْعيَهُنَّ إِلَى بَيْتِهِ عَلَى التَّنَاوُبِ.

قال الرافعي: الفصل يشتمل على مَقَاصِدَ:

أحدها القول في مكان القسم: لا يجوز للزوج أن يجمع بين الضرتين والضّرَّات في مسكن واحد ولو ليلة واحدة (١) إلاَّ برضاهن؛ لأن اجتماعهن في المسكن الواحد مع تأكد الوحشة بينهن يولِّد كثرةَ المخاصمة والخروج عن الطاعة، والمراد بـ"المَسْكن" ما يليق بحال المرأة، من دار وحُجْرة وبيتٍ فردٍ، فاللَّوَاتي يليق بهن الدار والحجرة لا يُجْمَع بينهن في دار واحدة لا حجرة واحدة، لكن لو كان في الدار حجر مفردةُ المَرَافِقِ فله أنَ يُسْكِنَهُنَّ فيها، وكذا لو أسكن واحدة في العُلُوِّ، وواحدة في السَّفَلِ، والمرافق متميزةٌ، واللواتي يليق بهن البيوت المفردة له أن يُسْكِنَ كل واحدة منهن في بيت من خان واحد أو من دار واحدة، ولا يجمع بينهن في بَيْت واحدٍ إلاَّ بالرِّضَى، فإذا (٢) اجتمعتْ ضرَّتان في مسكن واحد بالرضى فيُكْرَهُ أن يطأ إحداهما بحضرة (٣) الأخرى؛ فإنه بعيد عن المروءة، ولو طلب لم يلزمْها الإِجابة ولا تَصِيرُ بالامتناع ناشزةً.

وأما قوله: "وَلَهُ أَنْ يَسْتَدْعِيَهُنَّ إِلَى بَيْتِهِ عَلَى التَّنَاوُبِ" فهذا قد سبق الكلام فيه وليس في إعادته كثير فائدة.


(١) تقييده بزوجتين قد يخرج السرية.
قال الأذرعي وغيره: قال الماوردي: وكذا لا يجوز الجمع في المسكن بين زوجة وصرية.
(٢) في ز: وإذا.
(٣) قال الأذرعي الظاهر أنه مكروه تنزيهاً النووي وبه صرح في تعليقه على التنبيه، والذي ذكره المحاملي في المجموع أنه ليس ذلك؛ لأن فيه سفهاً ودناءة، وذكر الشيخ أبو حامد في تعليقه النص على منع جواز إسكانهما في البيت الواحد وهو قضية كلام الحاوي وغيره، وقضية نصه في الأم وهو الصواب؛ لما فيه من سوء المعاملة وطرح جلباب الحياء والأذى الشديد ولا سيما للمستحيات، ولا شك أنها لو منعته في هذه الحالة جاز لها ولا تكون بذلك ناشزة.

<<  <  ج: ص:  >  >>