[والجديد]: أنه يسقط ولا تستحق القضاء؛ لأن الاستمتاع والتمكن المستَحَقَّ عليها قد فات لمصلحتها، والإذْن إنما يؤثر في سُقُوط الإِثْم وفَوَاتِ التَّسْلِيمِ المستحَقِّ، وإن كان بسبب غير مأثوم [فيه](١) يوجب سقوط ما يقابلُه، وشبهوا ذلك فيما إذا فات تسليم المبيع قبل القبض بسبب هو مَعْذُورٌ فيه، فإنه يسقط الثمن ومنهم من قطع بالجديد.
قال الرَّافِعِيُّ: القَسْمُ مستحق على كل زوج عاقل مراهقاً، كان أو بالغاً رشيداً كان، أو سفيهاً، وإن وقع جور من المراهق فالإثم على الوليِّ وفي السفيه الإِثم عليه، وأما المجنون فقد قال الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المختصر": "وعلى وَلِيِّ المجنون أن يطوف به على نسائه"، وشَرَحَه الأصحاب بما محصوله أن المجنون كان لا يؤمن منه ضرر فلا قَسْمَ، وإن أُمِنَ، فإن كان قد قَسَمَ لبعض نسائه ثم جُنَّ، فعلى الولي أن يطوف به على الباقيات، قضاءً لحقوقهن كما يقضي ما عليه من الدَّيْنِ قال في "التَّتِمَّةِ": وذلك إذا طَلَبْنَ، فإن أردن التأخير إلى أن يُفيق، فتتم المؤانسة فلهن ذلك، وإن لم يكن عليه شَيْءٌ من القَسْم؛ بأن كان معرضاً عن جميعهن، أو جُنَّ بعد التسوية بينهن، فإن رأى منه الميل إلى النساء، أو قال أهل الخبرة؛ "إِنَّ غشْيَانَ النِّسَاءِ يَنْفَعُهُ" فعلى الوليِّ أن يطوف به عليهن، أو يدعوهن إلى منزله، أو يطوف به على بعضهن ويدعو بعضهن، كما يرى، وإن لم هي منه ميلاً فليس عليه أن يطوف به، وفي "الإِبانة" وجه: أن حقَّ القَسْم يبطل بالجنون ولا يطالَبُ الوليُّ برعايته بحال؛ لأن وجوب القَسْم للإِيناس والتحرز عن الحيف المؤذي، ولا أُنس في صُحْبَة المجنون، ولا يتأدى منه، وقد يوجه ذلك بأن للزوج أن يعرض عنهن جميعاً، فكذلك الولي، وأجيب عنه بأن العاقل اكْتَفَى بداعيته الطبيعة، والمجنونُ بخلافه، ولا ينبغي أن يجري هذا الوجْه فيما إذا قيل: إن الغشيان ينفعه، ولو قيل: إنه يضره وجب أن يمنعه عنهن، هذا في حق المجنون المُطْبِق ولو كان به جنون مُتَقَطِّع، فإن ضبط، بأن كان يُجن يوماً ويُفيقُ يوماً، فيطرح أيام الجنون وتنزلف كأيام الغَيْبَة، ويقسم في أيام إفاقته، ولو أقام في الجنون عند واحدة فلا قضاء ولا اعتداد به، هكذا ذكره صاحبُ "التَّهْذِيبِ" وغيره وفيه إشعار ظاهر بأنه لا قَسْمَ في أيام جنونه، ووراء ذلك وجهان: