للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَوْلِ، فلا بدَّ من إقْرارِهِ أو البيَّنَةِ علَيْهِ، كما لو ادَّعَى مُدَّع رِقَّ بالغ، وهما كالوجْهَيْنِ، فيما إذا استلحقَ صغيراً، فبلغَ وأنْكَرَ، والوجهان في المسألَتَيْنِ مبنيَّان عنْدَ الشَّيْخ أبي عليٍّ، والأئمَّة على القَوْلَيْنِ فيمَنْ حُكِمَ بإسْلاَمِهِ بأَحَدِ أبَويْهِ أو بالسَّابي، ثم بَلَغَ، وأَعْرَبَ بالكُفْر، يُجْعَلُ مُرْتداً، أو يجعل كافرًا أصليًّا، ويقال: إنَّه الآنَ صَارَ منْ أهْلِ القَوْلِ، فُيْرجَعُ إلَى قوله، ولا يُنْظَرُ إلَى حُكْمِنَا به من قَبْل؟

" فرعان":

أَحَدُهُمَا: رَأَى صَغِيراً في يدِ إنْسَانٍ، يأْمُرُهُ وَينْهَاهُ، ويستَخْدِمُةُ، هَلْ له أن يَشْهَد له بالمِلْك؟ عن أبِي عليٍّ الطبريِّ: أنَّه عَلَى وجْهين، وعند غيره أنَّه، إنْ سَمِعَهُ يقول: هو عَبْدِي، أو سَمِعَ النَّاسَ يقولون: إنه عَبْدُهُ، شهد بالمِلْكِ، وإلاَّ، فلا (١).

الثاني: رَأَى صغيرةً في يَدِ إنْسانٍ يدَّعي نِكَاحَها، فَبَلَغَتْ، وأَنْكَرَتْ، قُبِلَ قَوْلُها، واحتاج المدَّعي إلى البينةِ، وهل يُحْكَمُ في صِغَرِها بالنِّكاح؟

عن ابن الحدَّاد: أنَّه يُحْكَمُ، والأصَحُّ المنع، وفَرَقُوا بأنَّ اليدَ في الجملةِ دَالَّةٌ على الملْكِ، ويَجُوزُ أنْ يُولَدَ المَوْلُودُ، وهو مملُوك، ولا يجوزُ أنْ تُولَدُ، وهي منكوحةٌ، فالنِّكاحُ طارِئٌ بكلِّ حالٍ، فافتَقَرَ إلى البيَّنةِ.

وقولُه في الكتاب "أن يُدَّعَى رِقُّهُ" لا يُمْكِنُ صَرْفَ الكتابةِ إِلى اللَّقِيط؛ لأنَّه لا يَنْتَظِمُ حينئذٍ التَّفْصِيلُ، والفَرْقُ بين أنْ يكُونَ اليدُ عن التقاطِ أو لا عن التقاطِ، بل هي


(١) قال النووي: هذا أصح، والله أعلم.
قال في الخادم: حكايه الأوجه هكذا فيه خلل والذي في الحاوي. فإن قيل: أفيجوز للشهود في الأموال أن يشهدوا فيها بالملك واليد وحدها؟
قيل: أما يد لم يقترن بها تصرف كامل فلا يجوز الشهادة بها في الملك، وأما إذا اقترن بها تصرف فقد اختلف أصحابنا فحكى أبو علي الطبري في إيضاحه وجهين عن غيره ووجها ثالثاً عن نفسه، أحد الوجهين: يجوز كما يجوز للحاكم، والحكم آكد من الشهادة.
والثاني: لا يجوز؛ لأن للحاكم أن يجتهد، وليس للشهود أن يجتهدوا.
والثالث: الذي حكاه عن نفسه إن اقتربت مشاهدة اليد والتصرف بسماع من الناس ينسبونه إلى ملك جاز أن يشهدوا بالملك ويشهدوا باليد. انتهى.
وظهر به خلل في الشرح والروضة من جهات:
احدها: إلحاق سماع قوله عبدي بسماعه من الناس، وهذا لم يقله أحد أصلاً، وهو بعيد جداً.
وثانيها: انعكاس النسبة فإن الوجهين عن غيره.
والثالث: لعله له.
وكذا حكاه ابن كج في التجريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>