للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "إلى أن تضع حملاً من وطءِ غَيْرِهِ" يدخل فيه ما إِذا نَكَحَتْ وَحَبِلَتْ من الزوج، وما إذا حَبِلَتْ من وطء شُبْهَة، والحكم واحد فيهما.

وقوله: "فإِذْ ذاك يَنْقَطِع نسب اللبن عنْه" يجوز إعلامه بالألف، وليُعْلَم قولُهُ "فاللبن للثاني" بالحاء والألف، وقوله "وللأول" بالألف، وقوله "ولهما" بالحاء؛ لما حكينا من مذهبهما، وقوله: "وهذا الحكم لو كان قد انقطع بعد ذلك ثم عاد ففي بعض النسخ وفي بعض وهما صحيحان"، وقد يوجد بدلهما "وكذا الحكم لو كَانَ قَد انْقَطَعَ" ولَيْس بصواب.

وقوله: "وَلاَ صَائِرَ إلى تخصيصه بالثاني" يعني أنَّ القول "بأن اللَّبَن للثاني خاصَّةً مخصَّصٌ بما إذا انقطع ثم عاد ولا يحال له فيما إذا لم ينقطع، ولفظ الانقطاع مُطْلَقٌ في الكتاب، لكن هو محمول هاهنا على الانقطاع مدَّةً يسيرة على ما بيَّنَّاه، وقد عبر عن الخلاف في المسألة بالوُجُوه، وهي أقوال مشهورة في ذلك، والله عَزَّ وَجَلَّ أعلم بالصواب.

البَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ القَاطِع لِلنِّكَاحِ وَحُكْم الغُرْمِ، وَفِيهِ أَصْلاَنِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الأوَّلُ إِذَا كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فُأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ زَوْجَتُهُ بِلِبَانِهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَيَجِبُ عَلَى المُرْضِعَةِ تَمَامِ مَهْرِ المِثْلِ (ح) عَلَى قَوْلٍ، وَنِصْفُهُ عَلَى قَوْلٍ، وَتَمَامُ المُسَمَّى عَلَى قَوْلٍ، وَنِصْفُهُ عَلَى قَوْلٍ، أَمَّا إِذَا كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ حَتَّى صارَتَا أُخْتَيْنِ انْدَفَعَتَا جَمِيعَاً وَغُرِّمَتِ المُرْضِعَةُ مَهْرَ الكَبِيرَةِ المَمْسُوسَةِ عَلَى القَوْلِ الصَّحِيحِ، وَفِي قَوْلٍ: لاَ تُغَرَّمُ شَيْئَاً كَمَا لَوِ ارْتَدَّتِ الزَّوجَةُ، وَالغُرْمُ يَجِبُ بِفِعْلِهَا، فَلَوْ نَامَتْ فَدَبَّتْ إِلَيْهَا الصَّغِيرَةُ وَارْتَضَعَتْ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا (و)، وَيَسْقُطُ مَهْرُ الصَّغِيرَةِ بِفِعْلِهَا عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: لَهَا نِصْفُ المُسَمَّى.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقْصُود الباب كما بَيَّنا مِنْ قَبْلُ الكَلاَمُ في الرَّضاع الَّذي يَطْرَأُ على النكاح فيقطعه، وفي الغرم المتعلِّق به، وقد رتَّبَه على أصلَيْن وفروع يَتَشعَّب عَنْها أَحَدُ الأصْلَيْنِ عند انقطاع النكاح، واعْلَمْ أولاً أن الرضاع الطارئ (١) قد يَقْطَع النكاح، وإن لم يقتض حُرْمَةٌ مؤبَّدةٌ، وسيأتي أمثلته -[إن شاء الله تعالى] وقد تَقْطَعه لاقتضائه الحرمة المؤيَّدة فكل امرأة يَحْرم عليه أن ينْكِح ابنتها، فإذا أرضعت تلْك المرأةُ زوجَتَهُ الصغيرةَ خمْسَ رضعات، تثبت الحرمة المؤبَّدة، وانقطع النكاح، فإِذا كانَتْ تحته صغيرةٌ،


(١) في ز: الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>