للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحالَفَا فكأنهما لم يتعاقَدَا ولو لم يتعاقَدَا وقطعَ لزِمَه الأرْش، فكذلك هاهنا، والأصحُّ وهو رواية المزنيِّ في "الجامع الكبير" منْعُه؛ لأنه، على نفي العُدْوَان؛ ولو لم يحلف (١)، لكان لا يلزمه إلاَّ أرْشُ النقْص، فلا بد، وأن يكون ليمينه فائدةٌ.

ولو أراد الخيَّاط نزْعَ الخيط، لم يُمَكَّن منْه؛ حيث حَكْمنا له بالأجرة، سواءٌ كان الخيط للمالك، أو من عنْده؛ لأنَّه تابع للخياطة.

وحيثُ قلنا: إنَّهُ لا أجْرَةَ له، فله نزْعُ خيطه، كالصبغ، وحينئذ لو أراد المالكُ أن يشُدَّ بخيطه خيْطاً لِيُدْخِلَه في الدروز إذا خرج الأول، لم يمكَّن منْه إلا برضا الخيَّاط؛ لأنه تصرُّفٌ في ملكه.

بقي في المسألة شيْءٌ وهو كيفيَّة اليمين على اختلاف الأقوال.

قال في "الشامل": إن صدَّقنا الخيَّاط، حلف بالله؛ ما أذنت لي في قطعِهِ قميصاً، ولقد أذنت لي في قطْعه قِبَاءَ، وإن صدَّقنا المالك، قال: يكفي عنْدي أن يَحْلِف؛ ما أَذِنْتُ لي في قطْعه قِبَاءً، ولا حاجة إلى التعرُّض للْقَمِيص؛ لأنَّ وجوبَ الغُرْم وسقوط الأجرة كلاهما يلزم من نفي الإذْن في القِبَاء.

وإن فرَّعنا عَلَى قول التحالُفِ، جمع كُلُّ واحدٍ منهما في يمينه بين النَّفْيِ والإثبات، كما سبق في البيع، قال القاضِي ابْنُ كَجٍّ: والكلام في أنَّ البراءة بمن؟ على ما سبق هناك، والمالك هاهنا في رُتْبَة البائع (٢).

واعْلَمْ أنَّ اختلافَ المتعاقدَيْنِ في الأجرة أو في المدة، أو في قدْرِ المنْفَعَة بأَنْ قال المُكْرِي: أكْرَيْتُكَهَا إلَى خَمْسَةِ فراسِخَ، فقال: بل إلَى عشرَة أو في قدر المستأْجِرِ؛ بأن قال: أَكْرَيتُكَ هذَا البَيْتَ من هذه الدَّار، فقال: بلْ جميع الدار يوجِبَ التحالُفَ، كما في البيع، وإذا تحالَفَا، فُسِخَ العقْد، وعلى المستأجر أجرةُ المِثْلِ؛ لما استوفاه.

[فرع]

قال للخيَّاط: إنْ كان يكْفي هذا الثوب لقميصي، فاقطعه، فقَطَعه، فلم يكْفِهِ، ضمن الأرش؛ لأن الإذن مشروطٌ بما لم يوجد، ولو قَالَ: هلْ يكْفِي لقميصي، فقال: نَعَمْ فقَالَ: اقْطَعْه، فقَطَعه، فلم يكْفِهِ، لم يضمن؛ لأنَّ الإذْنُ مُطْلَق.


(١) في أ: لأنه لو حلف على نفي العدوان، ولو لم يحلف لكان لا يلزمه.
(٢) قال النووي: قال الشيخ أبو حامد: إذا صدقنا الخياط، حلف: لقد أذنت لي في قطعة قباءً فقط. فإن لم نثبت للخياط أجرة، فهذا أصح من قول صاحب "الشامل" لأن هذا القدر كاف في نفي الغرم عنه. وإن أثبتناها. فقول صاحب "الشامل" هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>