جماعة لا يزلون معتبر لا محالة، ومِنْ جماعة لا يبعُد الزلَل عليهم؟ فيه احتمالان:
أحدهما: أنه يكتفي به، كما تُقْبل الشهادة مع أن احتمال الغَلَط قائمٌ.
والثاني: المنْع بخلاف الشهادة؛ فإنها [تستند] إلى المعاينة، ويجوز أن يُعْلَم قوله في الكتاب "لم يُقْطَعَا" بالميم والألف؛ لما بَيَّنَّا.
وفي كلام الإِمام ما يُجَوِّز إعلام قوله "لا باجتهاد المقوِّم" بالواو، ويَشْهد له أن القاضي الرويانيَّ ذكَر في "جمع الجوامع" أنه لو شَهِدَ شاهدان بالسرقة، فَقَوَّم أحدهما المسروقَ نصاباً، والآخر أقلَّ منه، لا يلزم القطْع، وفي المال [إن] رضي [المالك] بأقل القيمتين، فذاك، وله أن يَحْلِف مع الذي شَهِد بالأكثر، ويأخذه، ولو شَهد شاهدان؛ بأنه نصاب، وقَوَّمه آخران بما دون النصَاب، لم يجب القطع، ويؤخذ في الغرم بالأقل، وعن أبي حنيفة أنَّه يؤخَذُ بالأكثر.
واعلم أن المسألة الثالثة من مسائل الفَصْل لا تتعلَّق بشرط النصاب، فإن النَّظَر فيها إلى كيفية الإخْراج، وإيرادها في غير هذا المْوضِع كان أولَى به من جهة الترتيب.
فَرْعٌ: القيمة تختلف بالبِلاد والأزمان، فتتغير في كلِّ مكانٍ وزمان قيمةُ ذلك المكانِ والزمان، ويَبْعُد أن يقال: يعتبر قيمة الحجاز أو قيمةُ عَهْدِ النبي -صلى الله عليه وسلم-.
إحداها: لا قطْع على مَنْ سرق ماله في يَدِ غيره؛ كيد المرتَهن والمُودَعِ والمستأجِر والمستعير وعامل القراضِ والشَّريكِ والوكيلِ، ولو أخذ مع ماله نصاباً آخَرَ، لزمه القطع؛ لأنه لا شبهة في النصاب الآخر.