للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه إلى جانب الزوج أن الواجب في القوت التمليكُ، فراعنا فيه جانبه، وفي المسكن المعتبر الإمتاع دون التمليك، وطُرِدَ هذا الافتراقُ فيما يجب فيه التمليك وما لا يجب.

وفي "التتمة" أنا إذا اعتبرنا المَسْكَن الذي يليق بها فيفاوت بين الغني والفقير كما في النفقة وهذا يتضمن النَّظَر إلى الجانبين معاً، ولا يُشْترط أن يكون المَسْكَن مِلْكاً له، بل يجوز إسكانها في المنزل المستعار والمستأجر بالاتفاق.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفِيةِ الإِنْفَاقِ أمَّا الطَّعَامُ فَيَجِبُ فِيهِ تَمْلِيكُ الحَبِّ وَمُؤنَةُ الطَّحْنِ وَالخَبْزِ وَإِصْلاحُ اللَّحْمِ، وَلَيْسَ لَهُ أنْ يُكَلِّفَهَا الأَكْلَ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَتْ تَأْكُلُ سَقَطَ نَفَقَتُهَا عَلَى أَحْسَنِ الوَجْهَيْنِ، وَيَجُوزُ أن تَعْتَاضَ الدَّرَاهِمَ عَنِ النَّفَقَةِ قَبْلَ القَبْضِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَإِنْ أَخَذَتِ الخُبْزَ فَهُوَ أَوْلَى بِالمَنْعِ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّبا، وَلَهَا طَلَبُ النَّفَقَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا الصَّبْرُ إلى اللَّيْلِ، وَلَوْ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لا يُسْتَرَدُّ، وَلَوْ نَشَزَتْ يُسْتَرَدُّ، وَلَوْ سَلَّمَ إِلَيْهَا نَفَقَةَ أَيَّامٍ مَلَّكَتَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ ثُمَّ يُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ، وَهَلْ يُسْتَرَدُّ بِالمَوْتِ فِيهِ وَجْهَانِ، أمَّا الكسوَةُ فَيَكْفِي فِيهَا الإِمْتَاعُ دُونَ التَّمْلِيكِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ كَالمَسْكَنِ والأَثَاثِ، وَلَوْ سَلَّمَ إِلَيهَا كُسْوَةَ الصَّيْفِ فَتَلِفَتْ في يَدِهَا أَوْ أتْلِفَتْ فَعَلَيهِ الإِبْدَالُ إنْ قلْنَا إنَّهُ إِمْتَاعٌ وَلَكِنْ عَلَيْهَا قِيمَةُ المُتْلَفِ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ الصَّيْفِ يُسْتَرَدُّ إِنْ قُلْنَا: إنَّهُ إِمْتَاعٌ، وَإِنْ قُلْنَا: تَمْلِيكٌ فوَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: غرْض الفصْل بيان كيفية الإنْفَاق وَتَوْفِيَةُ الواجبات المذكورة، وهي صِنْفان:

أحدهما: ما ينتفع به باستهلاكه؛ كالطعام، وفيه مسائل:

إحداها: يجب التمليك في الطعام، كما في الكفَّارة، وكذا حُكْم الادام، وما يُسْتَهْلك من آلة التنظيف، كالدهن والطِّيب (١)، وإذا أخذت المرأة نفقتها فلها إبدال المأخوذِ، والتصرف فيه بالبيع والهبة وغيرهما، لكن لو قترت على نفسها بما يَضُرُّ بها فله المنع، ونفقةُ الخادمة يجِب فيها التمليك أيضاً، وذكر صاحب الكتاب أن في تصوُّره عُسْراً؛ لأن الرقيقة لا تَمْلِك، والحرَّة المستأجرة بأُجْرة لا تستحق إلا الأجرة، وإنما يُتصوَّر ذلك في حرة وعُدَتْ بأن تَخْدُمِ بالنفقة، فتطالب كل يوم بالنفقة كالمرأة، وتستحق التمليك، وإن لم يكن ذلك عقْداً لازماً، وكان لها أن ترد النفقة إذا بَدَا لَهَا،


(١) قضيته اشتراط الإيجاب والقبول فيه، وفي البيان قبيل باب الإعسار بالنفقة أن أصحابنا البغداديين قالوا: إن الذي يستحق عليه دفع النفقة والكسوة ولم يذكر أحد فيهم أنَّه يجب عليه أن يملكها ذلك. وأما المسعودي فقال: يجب عليه أن يملكها الحب. انتهى وكلام الشيخين يوافقه كلام المسعودي وهو الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>