للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُرُوعٌ: في زيادات للشيخ أبي عاصِمٍ:

أحدهما: رجُلٌ في يده عبْدٌ، فقال لآخر (اين براست) (١) فهو هِبَةٌ يحتاج إلى القَبُول والقبض. ولو قال (توراست) (٢)، فهو إقرارٌ ويُشْبِه أنْ يكونَ جوابُهُ في الحالةِ الأُولَى مبنياً عَلَى أنَّ هذه العقود تنعقد بالكِنَايات.

الثانِي: غرس أشجاراً في أرْضٍ، وقال عنْد الغِراس: اغرسْه لابني، لم يصر للابن ولو قال: جعلتُهُ لابني، وهو صغيرٌ، صار له؛ لأنَّ هبتَهُ منْه لا تقتضي قَبُولاً، بخلافِ ما لو جَعَل لبالغٍ، وهذا إلَى ملتفت إلَى ما ذكرنا من الانعقاد بالكنايَاتِ، وإلَى أنَّ هبة الابن الصغير، هل يُكْتَفَى فيها بأحد الشِّقَّيْن؟

الثالث: لو خَتن ابْنَهُ، واتَّخذ دعوةً، فَحُمِلَتْ إلَيْه الهدايا، ولم يُسمِّ أصحابها الأب ولا الابن حَكَى فيه وجهين:

أحَدُهُمَا: أنَّها للأب؛ لأنَّهُ الذي اتخذ الدعوة والخَرَاج بالضمان.

والثاني: لِلابن؛ لأنَّ الدعوةَ له اتَّخذت (٣).

وفي فتاوى صاحب الكتاب أنَّ خادم الصوفيَّة الَّذي يتردّدُ في السُّوق، ويجمعُ لهُمْ شيئاً يملِكُه، ولا يلزمُه الصَّرْف إليهم، إلاَّ أنَّ المُرُوءَة تَقْتَضِي الوَفَاءَ بما تصدَّى له، ولو لم يف، فلهم مَنْعُهُ من أنْ يَظْهَر الجَمْعُ لهم والإِنفاقُ علَيْهم، وإنما ملكه لأنه ليس بولي، ولا وكيل عنهِمِ، كيْفَ، ولَيْسُوا بمعينين بخلاف هدايا الخِتَان (٤).

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ فَإذَا مُتُّ فَهِيَ لِوَرَثَتِكَ صَحَّ (م) فَإِنَّهُ هِبَةٌ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَعْمَرْتُكَ لَمْ يَصِحَّ (ح م) عَلَى القَوْلِ القَدِيمِ؛ لأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ،


(١) كلمة فارسية معناها: هذا صحيح.
(٢) كلمة فارسية معناها: أنت صادق.
(٣) قال النووي: قطع القاضي حسين في "الفتاوى" بأنه للابن، وأنه يجب على الأب أن يقبلها لولده، فإن لم يقبل، أثم. قال: وكذا وصيٌّ وقِيّم، يقبل الهدية والوصية للصغير. قال: فإن لم يقبل الوصي الوصية والهدية، أثم وانعزل لتركه النظر. وفي فتاوى القاضي: أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي قال: تكون ملكاً للأب؛ لأن الناس يقصدون التقرب إليه، وهذا أقوى وأصح.
(٤) أما إذا عين الدافع له جهة كان الخادم وكيلاً عنه في صرف ما قبضه إليها. ولو قال الخادم: فلان وفلان وفلان ووصفهم يطلبون الهبة فدفع إليهم لم يملكه الخادم. ولو قال جماعة الصوفية يطلبون ويسألون لم يملكه هو ولا هم للجهل بهم وليس الدفع مخصوصاً به فيملكه. انتهى. لكن صرح في الوجيز ما يقتضي صحة الهدية من غير المعين.
قال النووي: ومن مسائل الفصل، أن قبول الهدايا التي يجيء بها الصبي المميز، جائز باتفاقهم، وقد سبق في كتاب البيع، وأنه يجوز قبول هدية الكافر، وأنه يحرم على العمال وأهل الولايات قبول هدية من رعاياهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>