للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الذي أقامه مورثهم، ولا تُحْسَب يمينه لهم؛ لأنه لا يأخذ أحدٌ بيمين غيره.

وعن الخضَريِّ: أنها تحسب، حتى لو حلف خمسين على قوْلنا بالتكميل، فلا يمين على الورثة؛ لأنه قد حَلَف للجائفة يكْفِي لجميع النفْس، والظاهرُ الأوَّل، [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي إِثْبَاتِ الدَّمِ بِالشَّهَادَةِ وَلاَ يَثْبُتُ القَتْلُ المُوجِبُ لِلْقَصَاصِ بِرَجُلٍ وامْرَأتَيْنِ، وَيَثْبُتُ مُوجِبُ الدِّيَةِ، وَلَوْ رَجَعَ بالعَفْوِ إِلَى المَالِ نَفِي ثُبُوتِهِ بَعْدَ العَفْوِ وَجْهَانِ، وَلَوْ شَهِدَتْ عَلَى هَاشِمَةٍ مَسْبُوقَةٍ بإِيضَاحِ لَمْ يَثْبُتِ الهَشْمُ فِي حَقِّ الأَرْشِ كَمَا لا يَثْبُتُ الإِيْضَاحُ، وَلوْ شَهِدَتْ عَلَى أنَّهُ رَمَى إِلَى زَيْدٍ فَمَرَقَ فَأَصَابَ غَيْرَهُ خَطَأً ثَبَتَ الخَطَأَ فَقِيلَ قَوْلاَنِ بِالنَّقْلِ والتَّخْرِيجِ، وَقِيلَ: الاِيضَاحُ سَبَبُ الهَشْمِ وَهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ بِخِلاَفِ قَتْلِ الشَّخْصَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الكلام في صفات الشُّهُود ونصيب الشهادات وشروطِها يُسْتَوْفَى في "كتاب الشهادات"، لكنَّ الشافعيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ذكر ههنا مسائلَ تتعلَّق بالشهادات على الجناية، وأودَعَها بابًا ترجمه بـ"الشهادة على الجناية" فراعَى معْظمُ الأصحَابِ ترتيبه، وأورد تلك المسائل ههنا ومقْصُود الفصل أنَّ كلَّ قتْلٍ أو جَرحٍ يوجبْ القصاصَ، فإنه لا يثبت برَجُل وامرأتين، ولا بشاهد ويمين، بل لا بد فيه من رجلَيْن يشهدان على نفْس القتل أو الجَرْح أو [على] (١) إقرار الجانِي بهما، وما يوجِبُ إلاَّ الديةَ؛ كالخطأ وشبه العمد وجناية الصبيِّ والمجنونِ وجناية المُسْلِم على الذمِّي والحرِّ على العبدِ والأب على الابن: تثبت (٢) بشهادة رجل وامرأتينِ، وبشاهد ويمين؛ لأن المقصود منه المال، وسيعود هذا في "كتاب الشهادات".

ولو كانت الجنايةُ المدَّعاة بحَيْثُ توجب القصاص، وقال المدعِي: عَفَوْتُ عن القصاص، فاقبلوا منِّي رجلاً وامرأتين أو شاهدًا ويميناً لأخْذَ المال، فهل يقتل ويثبت المال؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنه لا قصاص؛ والمقْصِد المال.

وأصحُّهما: ويُحْكَى عن نصّه في "الأم": المنع؛ لأنها في نفْسها موجبةٌ للقصاص، لو ثبتت (٣) ولأنه ينبغي أن يثبت القصاصُ حتى يكون للعفوْ اعتبارٌ، ومن القِسْم الأول المُوَضِحَة، إذا وقعت على وجْه يوجب القصاص، ومِنَ القسْم الثاني


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: ثبت الشهادة.
(٣) في ز: أو يثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>