للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للِمَالِكِ، وَللعَامِلِ أُجْرَةُ مثْلِهِ إِلاَّ إذَا فَسدَ بأَنْ شَرَطَ كُلِّ الرِّبْحِ للمَالِكِ فَفِيِ اسْتِحْقَاقِهِ الأُجْرَةَ وَجْهَانِ؛ لأنَّهُ لَمْ يَطْمعَ في شَيْءٍ أَصْلًا.

قال الرافعي: لما قضى حق القول في الأمور المعتبرة في القراض بَيَّن حكمه إذا فسد يتخلف بعض الشروط، وله ثلاثة أحكام.

أحدها: نفوذ تصرفاته نفوذها لو كان القراض صحيحًا؛ لأنه يتصرف بالإذن، والإذن موجود، وهذا كما أن تصرف الوكيل نافذ مع فساد الوكالة، وليس كما إذا أفسد البيع لا ينفذ تصرف المشتري؛ لأن المشتري إنما يتصرف بالملك، ولا ملك في البيع الفاسد (١).

والثاني: سلامة الربح كله للملك بتمامه للمالك؛ لأنه فائدة ماله، وإنما يستحق العامل بعضه بالشراط بالعقد الصحيح.

والثالث: استحقاق العامل أجرة مثل عمله، سواء كان في المال ربح، أو لم يكن، لأنه عمل طبعًا في المسمى، فإذا لم يسلم إليه وجب أن يرد عمله عليه وإن متعذر، فتجب قيمته، كما إذا اشترى شيئًا شراء فاسدًا، وقبضه فتلف تلزمه قيمته.

وعن مالك أنه إن لم يحصل منه ربح، فلا شئ له، وإن حصل له، فله ما يقارض به مثله في محل ذلك المال، وهذه الأحكام مطردة في صورة الفساد، نعم لو قال: قارضتك على أن جميع الربح لي، وفرعنا على أنه قِرَاضٌ فاسد لا إبضاع، ففي استحقاق العامل أجرة المثل وجهان.

أحدهما: يستحق كما سائر أسباب الفساد (٢).

وأصحهما: قال المزني المنع؛ لأنه عمل مجانًا غير طامع في شئ.

[فرع]

قال المزني في "المختصر" لو دفع إليه ألف درهم، وقال: اشتر بها هرويًّا أو مرويًّا بالنصف، فهو فاسد، واختلفوا في تعليله.

فالأصح: وفي وهو سياق الكلام ما يقتضيه أن الفساد باعتبار أنه تعرض للشراء دون البيع، وهذا جواب على أصح الوجهين أن التعرض للشراء لا يغني عن التعرّض للبيع، بل لا بد من لفظ المُضَاربة ونحوها ليتناول البيع والشراء، أو من التصريح


(١) هذا إذا قارضه المالك بماله أما إذا قارضه بمال غيره بوكالة أو ولاية فلا قاله الأذرعي.
(٢) صححه ابن الرفعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>