للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "أخذ جَمِيعَ الدَّارِ" مُعَلَمٌ بالواو؛ للوجه الذي ذَكَرْنَاهُ.

وقوله: "في المسألة قول خامس"، مُعَلَمٌ بالواو؛ لما عَرَفْتَ أن من الأَصْحَابِ من لم يُثْبِتْهُ. ولفظ الكتاب في حكايته هذا القَوْلِ مُصَرَّحٌ بِفَسْخِ العَقْدَيْنِ، لكن الأَثْبَتَ من رواية هذا القَوْلِ، بُطْلاَنُ العَقْدَيْنِ، لا إنشاء الفسخ.

قال الفَارِسِيُّ في "عيون المسائل": قال الربيع في موضع آخَرَ: إن البَيْعَ فَاسِدٌ، وهو أَوْلَى. فأطلق لفظ الفَسَادِ، وهو الذي أَرَادَ من نقله؛ أنَّه مَفْسُوخٌ. والشافعي -رضي الله عنه- كثيراً ما يُطْلِقُ لَفْظَ المَفْسُوخِ، ويريد به البَاطِلَ.

[فرع]

عن الشيخ أبي عَاصِمٍ: أنَّه لو تَعَرَّضَتْ إحدى البَيِّنتَيْنِ لكون الدَّارِ مِلْكاً للبائع وَقْتَ البيع، أو لكونها مِلْكاً للمشتري اليَوْمَ، كانت مُقَدَّمَةً، وإن لم يَذْكُرَ تَارِيخاً، وأنه لو كانت في إِحْدَى البَيِّنَتَيْن ذِكْرُ نَقْدِ الثَّمَنِ دون الأخرى، كانت مُقَدَّمَة على الأخرى، سَوَاءً كانت سَابقَةً، أو مَسْبُوقَةً (١)؛ لأن التي تَتَعَرَّضُ لِنَقْدِ الثَّمَنِ تُوجِبُ التَّسْلِيمَ، والأُخْرَى لا تُوجِبُهُ؛ لِبَقَاءِ حَقِّ الحَبْسِ للبائع، فلا تَكْفِي المُطَالَبَةُ بالتسليم.

[فرع]

دَارٌ في يد إِنْسَانٍ جاء اثْنَانِ يَدَّعِيَانِهَا، قال أحدهما: اشْتَرَيْتُهَا من زيد، وهو يَمْلِكُهَا. وقال الآخر: اشْتَرَيتُهَا من عمرو، وهو يَمْلِكُهَا، [وكان] أو نَسِيَا معاً الشِّراء إلى شَخْصٍ وَاحدٍ، وأَقَامَ كُلُّ واحد بَيِّنَةً على ما يقوله، فهما مُتَعَارِضَتَانِ، فإن قُلْنَا: بالتَّسَاقُطِ، فكأنه لا بَيِّنَةَ، ويحلف صَاحِبُ اليد لكل واحد يَمِيناً.

وإن قلنا: بالاسْتِعْمَالِ، ففي مَجِيءِ قَوْلِ الوَقْفِ الخِلاَفُ الذي سَبَقَ، ويجيء قَوْلاَ القُرْعَةِ، والقِسْمَةِ، والتفريع كما سبق، إِلاَّ أَنَّ على قَوْلِ القِسْمَةِ إذا اختار أَحَدُهُمَا فَسْخَ العَقْدِ، والآخر إِجَازَتَهُ. لم يكن لِلْمُجِيزِ أَخْذُ النصفِ الآخر [سواء] (٢) تقدم الفَسْخُ، أو تَقَدَّمَتِ الإِجَازَةُ، إذا ادعيا الشِّرَاءَ من شخصين؛ لأن المَرْدُودَ يَعُودُ إلى غير من يَدَّعِي المُجِيزُ الشِّرَاءَ منه؛ فكيف يَأْخُذُهُ.

وحيث قلنا بِثُبُوتِ الخِيَارِ على قول القِسْمَةِ، فذلك إذا لم تَتَعَرَّضِ البَيِّنةُ لقبض المَبِيعِ، ولا اعْتَرَفَ به المُدَّعِي، إلا فإذا جَرَى القَبْضُ، استَقَرَّ العَقْدُ، وما يحدث


(١) وهذا جزم به الماوردي أيضاً فقال: وإن كانت الشهادة تملكه من إحدى البينتين حكم بالبيع لمن شهدت بينته بالبيع والملك تعارضتا.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>