للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ صَلاَةِ الخَوْفِ

وَفِيهِ أَرْبَعَةٌ أَنْوَاعٍ

قال الغزالي: الأَوَّلُ أَن لاَ يَكُونَ العَدُوُّ فِي جِهَةِ القِبْلَةِ فَيَصْدَعَ الإمَامُ أَصْحَابَهُ صَدْعَيْنِ وَيُصَلِّي بِأَحَدِهِمَا رَكْعَتَيْنِ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ تَحْرُسُهُ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الأخُرَى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ هُمَا لَهُ سُنَّةٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ وَذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَكِنَّهُ كذَلِكَ صَلَّى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبَطْنِ النَّخْلِ.

قال الرافعي: ليس المراد من ترجمة الباب أن الخوف يقتضي صلاة على حيالها كقولنا صلاة العيد، ولا أنه يؤثر في تغيُّير فعل الصَّلاة أو وقتها، كقولنا: صلاة السفر، وإنما المراد أن يؤثر في كيفية إقامة الفرائض، ويقتضي احتمال أمور فيها كانت لا تحتمل لولا الخوف، ثم هو في الأكثر لا يؤثر في مطلق إقامة الفَرَائض، بل في إقامتها بالجماعة على ما سَنُفَصِّلُه.

إذا عرفت ذلك، فالأصل في الباب قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (١) الآية والأخبار التي نذكرها في أثناء الباب، واعلم قوله: (كتاب صلاة الخوف) بالزاي؛ لأن المزني -رحمه الله- ذهب إلى نَسْخِ صلاة الخوف.

واحْتَجَّ عَلَيه "بأنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُصَلِّهَا فِي حَرْبِ الْخَنْدَقِ" (٢) وأجاب الأصحاب عنه بأن حرب الخندَق كان قبل نزول آية صلاة الخَوْف، وكان المسلمون قبل نزولها يؤخرون الصَّلاة في الخوف عن وقتها، ثم يقضونها كما فعلوا في حرب الخندق، ثم علموا بالآية وشاع ذلك بين الصَّحابة، وروي عن علي -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْخَوْفِ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ" (٣).


(١) سورة النساء، الآية ١٠٢.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه البيهقي (٣/ ٢٥٢) بغير إسناد، وأشار إلى ضعفه، وليلة الهرير: حرب جرت بين سيدنا علي والخوارج، وكان بعضهم يهر على بعض، فسميت بذلك، وقيل: هي ليلة صفين بين سيدنا علي وسيدنا معاوية -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>