للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الاسْتِقْلاَل بالبيع نَسِيْئَة بحال، وبإذن السيد يخرج على الخلاف في تبرعاته.

الفصل الثالث: في المأذون، فإن دفع إليه السَّيد مالاً ليتَّجر فيه فهو كالمُكَاتب إلاَّ من وجهين:

أحدهما: أنَّ رهنه أولى بالمنع مِنْ جهة أنَّ الرَّهْن ليس من عقود التِّجَارات، وشبهه الإمام بإجارة الرِّقَاب، وفي نفوذها منه خلاف سبق في موضعه.

والثاني: أن له البيع نَسِيْئَةً بإذن السَّيد بلا خلاف، وإن قال له: اتِّجر بجاهك ولم يدفع إليه مالاً، فله البيع والشراء في الذِّمَّة حالاً ومؤجلاً، وكذا الرَّهْن والارتهان إذ لا ضرر فيه على السَّيد، فإن فضل في يده مال كما لو دفع إليه مالاً (١).

وقوله في الكتاب: (إلاَّ لمصلحة ظاهرة) يجوز إعلامه بالواو؛ لأن القاضي ابن كَجٍّ حكى وجهاً: أنه لا يجوز رهن مال الطِّفل بحال من الأحوال.

وقوله: (إلاَّ إذا كان في وقت يجوز فيه الإيداع)، هذا الاسْتِثْنَاء في نظم الكتاب يرجع إلى اشتراط مساواة قيمة المرهون للدين، فإنه يجوز أنْ يكون في زمان النَّهْب أكثر من الدين، بل هو عُذْرٌ يجوز الرَّهْن على ما نلحظ.

وقوله: (وكذا المُكَاتَب والمَأْذُون) مُعَلّمان بالواو.

البَابُ الثَّانِي: فِي القَبْضِ وَالطَّوَارِئ قَبْلَهُ

قال الغزالي: القَبْضُ رُكْنٌ فِي الرَّهْنِ لاَ يَلْزَمُ (م) إِلاَّ بِهِ، وَكَيْفِيَّتُهُ فِي المَنْقُولِ وَالعَقَارِ مَا ذَكَرَنَا فِي البَيْعِ، وَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ مِنْ مُكَلَّفٍ، ويَجُوزُ لِلْمُرْتَهَنِ أَنْ يُنِيبَ غَيْرَهُ إِلاَّ عَبْدَ الرَّاهِنِ وَمُسْتَوْلَدَتَهُ لأَنَّ يَدَهُمَا يَدُ الرَّاهِنِ، وَيسْتَنِيْبَ مُكَاتِبَ الرَّاهِنِ، وَفِي عَبْدِهِ المَأْذُونِ خِلاَفٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: كلام الباب يقع في قسمين:

أحدهما: بيان اعتبار القبض، وأنه بم يحصل وممن يصح؟

أما الاعتبار الأول فإن القبض ركن في لزوم الرَّهْن (٢)، فلو رهن ولم يقبض كان


(١) قال النووي: قوله: إن رهنه أولى بالمنع، يعني منعناه في المكاتب فهاهنا أولى، وما لا، فوجهان. وهذا ترتيب الإمام، وقطع الشيخ أبو حامد وصاحبا "الشامل" و"التهذيب" بأنه كالمكاتب. ينظر روضة الطالبين ٣/ ٣٠٧.
(٢) شرطه بالإذن في الدين أن يجد له القدر كما نص عليه في البويطي حيث قال إذا قال لوكيله أو رسوله أو عبده اشتر بالدين فلا يجوز حتى يقول من دينار إلى مائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>