للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتلف بعْضه، ولو اختلطت بالأجود بِنَفْسها، فعلى الخلافِ السابِقِ في نظائره، وإذا أبقينا الوصية، فالزيادةُ الحاصلة بالجَوْدة غير متميزة؛ فتدخل في الوصية.

ولو أوصَى بصاع من حنطة، ولم يعين الصاع، ولا وصف الحنطة، فلا أثر للخلْط؛ ويعطيه الوارث مما شَاءَ من حنطة التركة، ولو وصفها، وقال: حنطتي الفلانية، فالوصْفَ مَرْعيٌّ، فإن بَطَلَ بالخَلْط، بطَلَتِ الوصية، وإن قال: منْ مالي حَصَّلَه الوارث.

فرعٌ: لو أوصى له بمائة معينة، ثم بمائة معينة، فله المائتان، وإن أطلق إحداهما، حملت المطْلَقة على المعينة، وكذا لو أطلقها, لم يكن له إلا مائةٌ؛ ولو أوصَى بخمسين، ثم بمائة، فله المائة، ولو أوصَى بمائة، ثم بخمسين، فوجهان:

أحدهما: أن له مائةً وخمسِينَ (١).

وأشبههما: أنه لا يدفع إلَيْه إلا خمسون؛ لأنه يحتمل أنه قصد تقليل حقه، والرجوعُ عن بعض الوصية الأولَى، فلا يُعطَى إلاَّ اليقينَ.

البَابُ الرَّابعُ في الوِصَايَةِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ في أَرْكَانِهَا وَأَحْكَامِهَا: (أَما الأَرْكَانُ) فَأرْبَعَةٌ: الأَوَّلُ الوَصِيُّ وَشَرَاِئطُهُ خَمْسَةُ التَّكْلِيفُ (م ح)، وَكَمَالُ الحُريَّةِ، وَالإسْلاَمُ (ح)، وَالعَدَالَةُ (ح) وَكفَايَةُ التَّصَرُّفِ، وَفِي جَوَازِ التَّفْوِيض إِلَى الأَعْمَى وَجْهَانِ، وَيجُوزُ التَّفويضِ إلى النِّسَاءِ، وَالأُمُّ أَوْلَى من يُنَصَّبُ قَيِّماً، فَإِنْ لَمْ تُنَصَّبْ فَلاَ وِلاَيَةَ لَهَا، وَلَوْ أَوْصَى إلى مُسْتَوْلَدَتِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، مَنْشَؤُهُ أَنَّ المُرَاعى حَالَةُ المَوتِ أَوْ حَالَةُ العَقْدِ، وَلَوْ أوْصَى الكافِرُ إلى كَافِرٍ فَي أَوْلاَدِهِ الكُفَّارِ جَازَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذا عرفت في أَول الكتاب: أن هذا الباب معقودٌ للوِصَايَةِ بأركَانِهَا، وأحكامها، وهي مستحبةٌ في ردِّ الظالم؛ وقضاء الديون، وتنفيذ الوصايا، وأمور الأَطفال (٢):

[رُوِي أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أَوْصَى؛ فَكَتَبَ أنَّ وَصِيَّتِي إِلَى اللهِ تَعَالَى، وإلَى الزُّبَيرِ وابنه عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما] (٣) - فإِن لم يوصِ إلى أحد، نصب القاضي من يقُومُ بها.


(١) وقضيته أن هذا الخلاف لا يطرق الصورة التي قبلها.
(٢) قال النووي: هي في رد المظالم وقضاء الديون التي يعجز عنها في الحال واجبة والله أعلم
(٣) قال الحافظ: رواه البيهقي بإسناد حسن عنه بهذا وزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>