قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصود الفَصْل بيان أن الرَّجْعة تختص بعدَّة الطلاق، وإن فرض فيها وطء، وطالت بسببه العدة، فإذا وطء الزوج الرَّجعية في العدة، فعليها أن تستأنف ثلاثة إقراء من وقت الوطء، ويدخل فيها ما بقي من عدة الطلاق، فإن العدتين من شخص واحد يتداخلان، ولا يثبت الرجعة إلاَّ في الباقي من عدة الطلاق، وإن وقَع الوطء بعد قَرءَيْن، فإنما تثْبُت الرَّجعة في القرء الأول من الثلاثة المستأنفة، وهو الثالث من عدَّة الطلاق إن كان بعد قرء، فله الرجعة في القرءين الأولين من الثلاثة، ويجوز له تجديدُ النِّكاح فيما زاد بسبب الوطء، ولا يجوز لغيره، ولو أحبلها بالوطء وجهان: أحدهما: تدخل، وبوضع الحمل تخرج عن العدتين؛ لأن المقصود الأصليَّ براءة الرَّحِم، وهما عدتان من شخص واحد، فيتداخلان، والباقي لا تدْخُل؛ لأنهما عدتان مختلفا الجنس، ولا تداخُلَ مع اختلاف الجنس، والأول أشبه، وبه أجاب بعض المتأخرين.
التفريع: إن قلنا بدخول الباقي في عِدَّة الوطء، فهل له الرَّجْعة في مدة الحَمْل، فيه وجهان مذكوران في "التهذيب":
أحدهما: لا؛ لأنه عدة الوطْء، وعدة الطلاق، كأنها إنقطعت بالوطء، وسقطت.
وأظهرهما: نعم، لوقعها عن الجهتين، كالباقي من الأقراء عنْد التداخل إلاَّ أن ذَلِك يَتبعَّض، ومدَّة الحَمْل لا تَتبعَّض، وإن قلنا: لا تداخل، فقد انقطعت عدة الطلاق، فإذا وَضَعت، رجَعَت إلى بقية الأقراء، وللزوج الرجعة في البقية التي تعود إليها بعد الوضع، وفي ثبوتها قبل الوضع وجْهَان:
أحدهما: لا تثبت؛ لأنها في عدة وطْء الشبهة.
وأصحهما: على ما ذكره في "التتمة" الثبوت؛ لبقاء عدَّة الطلاق عليها، وثبوت الرجعة فيها، ومن البعيد أن تكون المرأةُ بَائنةً، ثم تثير رجعيَّةً، ولأنه إذا رجَعَها، يُسْقِط العدة، والعدة التي لا تبقى بعد المراجعة لا تمنع من المراجعة.