للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن في كلام الإِمَامِ إِشْعَاراً بأن قوله: أنت حُرٌ، إنما يقبل تنزيله على الحُرِّيَّةِ بموجب القَبْضِ إذا رَتَّبَهُ علَى القَبْض، كما صور في الكتاب، فلو قال له عند القَبْضِ: اذهب فأنت حُرٌّ. وإن في مسألة الطَّلاَقِ لو وجدت قَرِينَةً عند الإِقْرَارِ بأن كانا يَتَخَاصَمَانِ في لفظة "أَطْلَقَهَا"، فقال ذلك، ثم أَبْدَى التأويل المذكور، يقبل أيضاً، فإن في الصورتين لو انْفَصَلَ قوله عن القَرَائِنِ لم يقبل التأويل.

وهذا التفصيل قَوِيمٌ لا بَأْسَ بالأَخْذِ به.

لكن قال في "الوسيط": لا فَرْقَ بين أن يكون (١) قوله: أنت حُرٌّ جَوَاباً عن سؤال حُرِّيَّتِهِ أو ابتداء، وبين أن يكون متصلاً (٢) بقبض النُّجُومِ أو غير مُتَّصِلٍ لشمول العُذْرِ، ومَالَ كذلك إلى قَبُولِ التأويل في الإقرار بالطلاق وغيره. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الحُكْمُ الثَّانِي حُكْمُ الأَدَاءِ، وَفِيهِ سَبعُ مَسَائِلَ: (الأُولَى) أنَّهُ يَجِبُ الإِيتَاءُ بحَطِّ شَيْءٍ مِنَ النُّجُومِ أَوْ بَذْلُ شَيْءٍ، وَلاَ يَجِبُ فِي الكِتَابَةِ الفَاسِدَةِ عَلَى الأَظْهَرِ (و) لاَ يَجِبُ فِي الإِعْتَاقِ بعَوَضِ، وَلاَ فِي بَيْعِ العَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ، وَلاَ فِي الإِعْتَاقِ مَجَّاناً، وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى وَقْتِ العِتْقِ وَجْهَانِ، وَيَكْفِي أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَقِيلَ: بَلْ مَا يَلِيقُ بِالحَالِ إلاَّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الإِيتَاءِ فَتَكونَ الزِّيَادَةُ فِي التَّرِكَةِ كوَصِيَّةٍ يُضَاربُ بِهَا الوَصَايَا لاَ كَدَيْنٍ، وَلَوْ بَقِيَ مِنَ النُّجُومِ قَدْرٌ لاَ يُقْبَلُ فِي الإِيتَاءِ أَقَلُّ مِنْهُ إِذَا قُلنَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِمَّا يُتَمَوَّلُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ، وَلاَ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ لِأنَّ الإِيتَاءَ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الكِتَابَةِ وَلَكِنْ يَنْبَغي أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ، فَلَوْ عَدَلَ إِلَى غَيْرِ جِنْسِهِ فَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لاَ يَجْوزُ تَعَبُّداُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجب على السَّيِّدِ إيتاء المُكَاتَبِ (٣)؛ بقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ


= المذهب المنع؛ لأنه إذا لم يعلم الدين فهو مجهول، قال وعلى هذا الخلاف إذا اعتقدت قبض مهرها فقالت أبرأتك عن مهري ثم بان بقاؤه عليه أو قال أبرأتك بما استحقه عليك من الشفعة وله الشفعة في الباطن وهو لا يعرفها في الظاهر هل يبرأ أم لا، وهكذا لو طلق امرأة ثم بانت زوجته وأعتق جارية ونسي أن له جارية فبانت جاريته وكان اعقاده أنه يطلق ويعتق أجنبية، وجهان. انتهى.
(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: منفصلاً.
(٣) قال في القوت: استثنى في اللباب والرونق والشافعي والتحرير للجرجاني من وجوب الحط والإيتاء صورتين:
الأولى: أن يكاتبه على منفعة نفسه.
والثانية: أن يكاتبه والثلث لا يحتمل أكثر من قيمته.
وفي البيان وغيره أنه لو وهب لعبده النجوم عتق، وهل له أن يطالب سيده بالإِيتاء فيه وجهان أرسلهما في كتاب الصداق من شرح الوسيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>