للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن "الحاوي": أنه يحتمل وجهَيْن:

أحدهما: لا، لبقاء حكم الرَّقِّ عليه.

والثاني: نعم؛ لانقطاع نفقته عن السيِّد (١)، ومَن نصْفه حرُّ ونصفُه رقيقٌ، قال في "البسيط": الظاهر أنَّه يلزمه نفقة القريب؛ لأنها كالغرامات، وهل يلزمه نفقة تامَّة أو نصْف النفقة، فقد حكى القاضي ابن كجٍّ فيه وجهَيْنِ (٢) وذكر وجهَيْنِ (٣) أيضاً فيمن نصفه، حرٌّ ونصْفه رقيقٌ، هل يجب على قريبه الحرِّ نفقته بقدْر ما فيه من الحرية، والله أعلم.

البَابُ الثَّالِثُ فِي الحَضَانَةِ، وَفِيهِ فَصْلاَنِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الأَوَّلُ فِي صِفَاتِ الحَاضِنَةِ فَنَقُولُ: الحَضَانَةُ وِلاَيَةٌ وَسَلْطَنَةٌ لَكِنَّهَا بِالإِنَاثِ أَلْيَقُ، وَالأُمُّ أَوْلَى مِنَ الأَبِ وإِنْ كَانَتِ المُؤْنَةُ عَلَى الأَبِ لَكِنْ بِشَرْطِ أنْ تَكُونَ الأُمُّ مُسْلِمَةً (ح) إِذَا كَانَ الوَلَدُ مُسْلِماً، وَعَاقِلَةً وَحُرَّةً إِذْ لاَ فَرَاغَ لِلرَّقِيقَةِ وَلاَ وِلاَيَةَ لَهَا وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ، وَأَمِينَةً إِذ لاَ يُوثَقُ بِالفَاسِقَةِ، وَفَارِغَةً فَإِذَا نَكَحَتْ بَطَلَ حَقُّهَا إِلاَّ إِذَا نَكَحَتْ عَمَّ الطِّفْلِ أَوْ مَحَارِمَهُ، وَلاَ يُؤَثِّرُ رِضَا الزَّوْجِ، وَيَرْجِعُ حَقُّهَا إِنْ طُلِّقَتْ (م) وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لِأَنَّهَا فَارِغَةٌ، وَفِيْهِ قَوْلٌ إِنْ كَانَتْ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجِ فللزَّوْجِ أن لاَ يَرْضَى بِدُخُولِ الطِّفْلِ دَارَهُ، وَمَهْمَا امْتَنَعَ الأَوَّلُ أَوْ غَابَ انْتَقَلَ حَقُّ الحَضَانَةِ إِلَى البَعِيدِ (و) لاَ إِلَى السُّلْطَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحضانة القِيَامُ بحفظ من لا يميِّز، ولا يَسْتَقِلُّ بأمره، وتربيتُه بما يُصْلِحه، ووقايته عما يهلكه، فهي نوع ولايةٍ وسلطنةٍ، لكنها بالإناث أليقُ؛ لأنهن أشفقُ وأهْدَى إلى التربية، وأصبر على القيام بِهَا، وأشدُّ ملازمةً للأطفال، وقد روِيَ عن عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ امرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءٌ، وَثَدْيِيْ لَهُ سِقَاءً، وَحجْرِي لَهُ حَوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أن يَنْزَعَهُ مِنِّي،


(١) ويؤيده ظاهر النص في الأم حيث قال في باب من يجوز كتابته من المماليك وإذا كاتب العبد بالغاً صحيحاً ثم غلب العبد على غفلة لم يكن للسيد أن يعجزه حتى يحل نجم من نجومه، فإذا حل لم يكن له تعجيزه لأنه لا يعرف عن نفسه بحال حتى يأتي الحاكم ولا ينبغي للحاكم أن يعجزه حتى يسأل عن ماله، فإن وجد له مال يؤدي إلى سيده منه الكفاية أداها وأنفق عليه من فضله.
(٢) قال النووي: الأصح نفقة كاملة, لأنه الحر كما في الكفَّارة. والله أعلم.
تشبيهه بالحر يفهم أنه ينفق على الزوجة نفقة الموسر وهو خلاف المرجح أنه في الكفارات ليس كالحر مطلقاً بل إلا في الإعتاق، وكان ينبغي أن يقول وكالزكاة فإنه إذا ملك ببعضه الحر نصاباً زكاة في الأصح، والجامع بين الكل أنها غرامة تتعلَّق بالمال فكان فيه كالحر.
(٣) قال النووي الراجح الوجوب، ويمكن بناؤهما على أنه هل يورث؟ والأظهر أنه يورث كالأحرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>