للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتيقن (١)، وهو دِيَةُ امرأة وغُرَّةٌ. ولو سلم الوارث اسْتِهْلاَلَ أَحدهما، وكان أَحدهما ذَكَرًا، والآخر أُنْثَى، فقال الوارث: إنما اسْتَهَلَّ الذَّكَرُ، وقال الجاني: بل الأُنْثَى، فالمُصَدَّقُ بيمينه الجانِي (٢)، وَيحْلِفُ على نَفْي العلم باسْتِهْلاَلِ الذَّكَرِ، ويحكم بِدِيَةِ امرأة وغرة فإن صدق الجَانِي الوارِثَ على اسْتِهْلاَلِ الذَّكَرِ، وكذبت العَاقِلَة، فعلى العَاقِلَةِ دِيَةُ أُنثى، وحكومة (٣)، والباقي في مَالِ الجَانِي.

ولو أَلْقَتْ جنينين حَيَّيْنِ وَمَاتَا، وماتت الأُمُّ بينهما، ورثت الأمُّ من الأول، ووَرِثَ الثاني من الأُمِّ، فقال وارث الجنينين، ماتت الأُمُّ أوَّلاً، فَوَرِثَها الجَنِينُ، ثم مات الجَنِينُ فورثته، وقال وَارِثُ الأُمِّ: مات الجَنِينُ أوّلاً، وورثت الأُمُّ الوَاجِبَ بالجناية، ثم ماتت، فَوَرِثَتْ مِنها، فإن كان لأحدهما بَيِّنَةٌ حُكِمَ بها، وإلا فإن حلف (٤) أحدهما ونَكَلَ الآخر حُكِمَ بيمين الحالِفِ، وإن حَلَفَ أو نَكَلاَ لم نورث أَحَدَهُمَا من الآخر؛ لأنه عَمِيَ مَوْتُهُمَا، وما تَرَكَهُ كُلُّ واحدٍ منهما لِوَرَثَتِهِ الأَحْيَاء، والله أعلم.

بَابُ كَفَّارَةِ القَتْلِ

قال الغَزَالِيُّ: كُلُّ حَيٍّ مُلْتَزَمٌ إِذَا قَتَلَ قَتْلاً غَيْرَ مُبَاحٍ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلا إِطْعَامَ عَلَى المَذْهَب، نَعَمْ لَوْ مَاتَ فَفِي كُلِّ يَوْمٍ مُدُّ كَما فِي رَمَضَانَ، فَيَجِبُ الكَفَّارَةُ بِالخَطَأِ وَحَفْرِ البِئْرِ، وَعَلَى الصَّبِيِّ والمَجْنُونِ، وَلا يَجِبُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ وَمَنْ عَلَيْهِ القِصَاصُ والرَّجْمُ وَلاَ عَلَى حَرْبِيٍّ، وَفِي وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ حَفَر بئْرًا فَتَرَّدَّى فِيهِ غَيْرُهُ بَعْد مَوْتهِ وَجْهَانِ، إِذْ يَبْعُدُ إِنْشَاءُ عِبَادَةٍ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ المَوْتِ، وَلا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِ نِسَاءِ أَهْلِ الحَرْبِ وَذَرَارِيهِمْ، وَيجِبُ فِي المُعَاهَدِ والمَمْلُوكِ إِذَا قَتلَهُ السَّيِّدُ لِوُجُودِ العِصْمَةِ، وَكَذَا فِي المُسْلِم وإِنْ كانَ فِي دَارِ الحَرْبِ، فَإِذَا رَمَى إِلَى صَفِّ الكُفَّارَ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ فِيهِم مُسْلِمًا فأَصَابَ فَعَلَيْهِ الكَفَّارَةُ وَلا دِيَةَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِمْ مُسْلِمًا وَلَمْ يَقْصِدْهُ لَزِمَهُ الدِّيَةُ، وَقِيلَ قَوْلاَنِ كَمَا لَوْ قَصَدَ شَخْصًا بِعَيْنِهِ وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الرَّمْيِ فَفِي دِيَتِهِ قَوْلاَنِ إِذَا كَانَ فِي صَفِّ الكُفَّارِ، وَالشَّرِيكُ فِي القَتْلِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ إِذِ العِبَادَةُ لا تَتَجَزَأُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: سبق في أوَّلِ الجِرَاحِ أن كَبيرَةَ القَتْلِ يَتَعَلَّقُ بها مع القِصَاصِ، أو الدية الكَفَّارَةُ، وقد يَسَّرَ الله -تَعالى- الفَرَاغَ من الكلام في القِصَاصِ والدِّيَةِ.


(١) في ز: المستيقن.
(٢) في أ: مدعي الأنثى.
(٣) في ز: محكومة.
(٤) في ز: وإلا وحلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>