للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فُرُوعٌ"

لو قال لصاحب المتاع: "أَلْقِ مَتَاعَكَ، وعلَيَّ ضمانُهُ" فقال: نعم، فله أن يُلْقِيَ، وعليه الضمان، إذا ألَقَى.

ولو قال الآخَر: "أَلْقِ مَتَاعَ فُلاَنٍ، وعلَيَّ ضمانُهُ، إن طالَبَكَ"، فألقاه، فالضَّمَانُ علَى المُلْقِي دون الآمِرِ، وحكى الإمامُ أنَّ المتاع المُلْقَى لا يخرج عن ملك مالِكِهِ؛ حتى لو لفظه البحْرُ على الساحل، وانفق الظَّفَر به، فهو لمالكله، ويسترِدُّ الضامنُ المبذول، وهل للمالكِ أنْ يمسكَ ما أخذ ويرُدَّ بدله نيه خلافٌ؛ كالخلاف في أن العَيْن المستقرضة، إذا كانَتْ باقيةً عند المقرض، هل له إمساكه، وغرامُه مثله (١) أو قيمته.

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ رَجَعَ حَجَرُ المَنْجَنيقِ عَلَى الرُّمَاةِ وَكَانُوا عَشْرَةٌ فَيُهْدَرُ مِنْ دَمِ كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُهُ، فَإنْ أَصَابَ غَيْرَهُمْ فالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ إلاَّ إذا قَصَدُوا شَخْصاً وَقَدَرُوا عَلَى إصَابَتهِ فَهُوَ عَمْدٌ، وَإنْ قَدَرُوا عَلَى إِصَابَة وَاحِدٍ مِنَ الجَمْعِ لاَ يعَيْنهِ فَهُوَ خَطَأٌ فِي حَقِّ ذَلِكَ الوَاحِدِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا عاد حَجَرٌ المَنْجَنِيقِ على الرامين، فقتل واحداً منْهم، فقد مات ذلك الواحدُ بفعله وفعْلِ شركائه؛ كما في صور الاصطدام، [فإن كانوا عَشَرَةً] (٢) فيهدر عُشْر ديته، [وعلى عاقلة كلِّ واحدٍ من الباقين عُشْرُ ديتهِ] (٣)، ولو قتل اثنين فصاعداً،


(١) فيه خلاف كالخلاف في العين المقترضة إذا كانت باقية هل للمقترض تملكها ويرد بدلها. قال الشيخ البلقيني، ما ذكره المصنف عن الإِمام يخالفه قضية كلام الماوردي فإنه ذكر في كتاب الأيمان في الكلام على إعتاق العبد عن الأمر هل ملكه أو جرى عليه حكم الملك؟
قال الماوردي: ومثل هذين الوجهين في التكفير إذا قال ألق متاعك في البحر وعلى قيمته هل يصير مالكاً قبل إلقائه أم لا؟ على هذين الوجهين يعني في صورة الاعتاق بالإذن أحدهما أنا نعلم بعد إلقائه أنَّه قد كان مالكاً قبل إلقائه. والوجه الثاني: أنَّه لا يصير مالكاً وإنما يجري عليه حكم الملك لأنه قبل الألقاء لم يملكه وبعد الالقاء لا يصح أن يملكه هذا كلام الماوردي وظاهره أن الضامن لمالك على وجه يجري عليه حكم المالك على وجه.
وقضية هذا أن الذي يلفظه البحر ملك على الوجهين وهذا غريب. انتهى قال في الخادم: الذي قاله الإِمام قوي فإن صاحب المتاع إنما يجب عليه إزالة يده بالإلقاء لا إخراجه عن ملكه والمال المبذول له في مقابلة ذلك فهو يشبه الخلع من جهة أن فيه إزالة يده ويفارقه من بقاء ملكه عليه، وفي وجوب الإلقاء فإن الزوج لا يجب عليه إلا إزالة الشقاق فقط دون إبانة المرأة إلى آخر ما ذكره وفي بعض ما ذكر نظر.
(٢) سقط في ز.
(٣) قال في القوت: قال في البيان: إنما تجب الدية على من مد منهم الحبال ورمى بالحجر فأما من أمسك خشبة المنجنيق إن احتاج إلى ذلك ووضع الحجر في أكلفة ثم تحامى فلا شيء عليه لأنه متسبب والمباشرة غيره فتعلق الحكم بالمباشرة وكذا ذكر نحوه البغوي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>