للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَابُ الثَّاني في حُكْمِ الوَقْفِ الصَّحيحِ، وَفِيهِ فَصْلاَنِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الأَوَّلُ فِي أُمُورٍ لَفْظيَّةٍ فَإذَا قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي وأوْلادِ أَوْلاَدِي فَهُوَ لِلتَّشْرِيكِ وَلاَ يُقَدَّمُ البَطْنُ الأَوَّلُ إلاَّ بِشَرْطٍ زَائِد، وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي لَمْ يَدْخُلُ الأَحْفَادُ، وَدَخَلَ البَنَاتُ وَالخَناثى، وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى البَنَاتِ أَوْ عَلَى البَنِينَ لَمْ تَدْخُلُ الخَنَاثَى، وَلاَ يَدْخُلُ تَحْتَ الوَلَدِ الجَنِينُ وَلاَ المَنْفِيُّ (و) بِاللِّعَانِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى ذُرِّيَّتي أَوْ نَسْلِي أَوْ عِقْبي دَخَلَ (م) الأَحْفَادُ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَ المَوَالي وَلَهُ الأَعْلَى وَالأَسْفَلُ فَهُوَ فَاسِدُ لِلاحْتِمَالِ، وَقِيلَ: يُوَزَّعُ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالأَعْلَى لِعُصُوبَتِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا صحَّ الوَقْفُ، ترتب عليه أحكامٌ:

منْها: ما يَنْشَأُ من اللفْظ المُسْتَعْمَل في الوقْف، ويختلف باختلافِ الألفاظ.

ومنْها: ما يقتضيه المعْنَى فلا، يختلف باختلافِ الألْفَاظ فالكلامُ في فصلَيْنِ:

الفصْل الأوَّلُ: في الأحْكَام اللفظيَّة، نشْرَحُ من صورها ما في الكتاب، ونضمُّ إليه ما يتَّفِقُ. والأصل فيها أنَّ شروط الواقِفِ مَرْعِيَّةٌ ما لم يكن فيها ما ينافي الوقْفَ ويناقِضِه، وعلَيْه جرتْ أوقاف الصَّحابة؛ وقف عمر -رضي الله عنه- وشرط أَنْ لاَ جناح عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أنْ يأكلَ منْها بالمَعْرُوف، وأنْ تَلِيَهَا حفْصَةُ في حَيَاتِها، فإذا ماتَتْ، فذوي الرأْي من أهلِها (١). ووقفت، فاطمةُ -رضي الله عنها- لنساءِ رسُول الله -صلى الله عليه وسلم- ولفقراءِ بَنَي هَاشِمٍ أو بَني المُطَّلب (٢).

إذا عرفْتَ ذلك، فمما يجب رعايته النَّظَر، فيما يقتضي الجَمْعَ والتَّرتِيْب.

فلو قال: وقفت علَى أولادي وأولادِ أولادِي، فلا ترتيبَ، بل يُسوَّى بين الكُلِّ، ولو زاد، وقال: ما يتناسلون أو بطْناً بعدْ بطْنٍ، فكذلك، وَيُحْمَلُ على التعميم.

وعن الزيادِيِّ أن قوله: بطناً بعد بطْنٍ، يقتضي التَّرْتيب، وبه أجاب بَعْضُ أصْحاب الإمام. ولو قال: علَى أولادي، ثم علَى أولادِ أولادِي، ثم على أولادِ أولادِ أولادي ما تناسَلُوا أو بطنَاً بعد بطْنٍ، فهو للتَّرتْيب (٣)، ولا يُصْرَف إلى البطن الثاني شيْءٌ ما بقي من


(١) أخرجه أبو داود (٢٨٧٩). قال الحافظ في التلخيص: بسند صحيح به وأتم منه.
(٢) رواه الشَّافعي (١٣٨٠). قال الحافظ في التلخيص: بسند فيه انقطاع إلا أنهم من أهل البيت.
(٣) وقوله بطناً بعد بطن يقتضي التسوية بين الجميع فيشارك البطن الأسفل البطن الأعلى، وهذا ما جرى عليه البغوي والفوراني والعبادي، ووجه بأن "بعد" تأتي بمعنى "مع" كما في قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} أي مع ذلك على أحد الأقوال، وذهب الجمهور إلى أن قوله بطناً بعد بطن للترتيب. =

<<  <  ج: ص:  >  >>