للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لاَ بُدَّ أَنْ يَقُولَ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالإِسْتِيجَابِ وَالايجَابِ، وَالخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ العَمْدِ وَالكتَابَةِ أَوْلَى بِالانْعِقَادِ، وَفِي البَيْعِ قَوْلاَنِ، وَقِيلَ بِطَرْدِ القَوْلَيْنِ فِي الجَمِيعِ وَهُوَ القِيَاسُ.

" القول في أركان النكاح"

قال الرَّافِعِيُّ: عد أركان النِّكَاح أربعة:

أحدها: الصيغة إيجاباً وقبولاً فيقول الولي: زوجتك أو نكحتُك، ويقول الزوج: تزوجت، أو نَكَحْتِ، أو قبلت تزويجها، أو نكاحها، أو يقول الزَّوْجُ أولاً: تزوَّجتُها أو نَكَحْتُها فيقول الوليُّ: زوَّجتُك أو أنكحتُكَ. واللفظ المعتبر في الباب هو الإِنكاح والتزويج، فلا ينعقد بسائر الألفاظ سواء منها ما يقتضي التمليك (١) كالبيع والهبة والصدقة (٢)، أو لا يقتضيه كالإِحلال والإِباحة وسواء إن جرى ذكر المهر، أو لَمْ يَجْرِ.


(١) اختلف الفقهاء أيضاً في انعقاد النكاح بلفظ التمليك.
فمنهم من يرى عدم انعقاده وهم الشافعية والحنابلة، ومنهم من يرى انعقاده وهم المالكية الحنفية وإليه ذهب ابن حزم في المحلى.
الأدلة: استدل الشافعية ومن وافقهم بما يأتي:
أولاً: بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا اللهَ في النِّسَاءِ" الخ ...
ثانياً: قالوا: إن لفظ التمليك ليس بصريح في النكاح فلا ينعقد به، وذلك لأن الشهادة شرط في النكاح، والكناية إنما تعلم بالنية، ولا يمكن الشهادة على النية لعدم اطلاعهم عليها فيجب ألا ينعقد النكاح بلفظ التمليك.
(٢) اختلف الفقهاء في انعقاد النكاح بلفظ الهبة.
فذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى القول بأن لا ينعقد النكاح بلفظ الهبة وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والزهري وربيعة.
وذهب الحنفية والمالكية إلى القول بانعقاد النكاح بلفظ الهبة، إلا أن المالكية قالوا: ينعقد بها النكاح بشرط ذكر المهر، ويظهر أنهم انما اثترطوا في انعقاد النكاح بلفظ الهبة ذكر المهر لأن إسقاط المهر عندهم يؤثر في النكاح، ولما كان النكاح بلفظ الهبة يشعر بإسقاط المهر نظراً إلى أن لفظ الهبة من ألفاظ التبرعات، لذلك قالوا: ينعقد بها النكاح مع ذكر المهر.
وقد استدل الشافعية ومن وافقهم على عدم انعقاد النكاح بلفظ الهبة بالكتاب والسنة والمعقول. أما الكتاب فقول الله تبارك تعالى في قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم-: {امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.
ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قال: {خَالِصَةً لَكَ} فدل ذلك على أن الانعقاد بلفظ الهبة من خصوصياته -صلى الله عليه وسلم-، وأما السنة فما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فإنَّكم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانَةِ اللهِ واسْتَحْلَلْتُمْ فرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ"، ووجه الدلالة من الحديث أَنهم قالوا: أن الكلمة التي أحل الله بها الفروج في كتابه إنما هي الإنكاح والتزويج فقط، =

<<  <  ج: ص:  >  >>