للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أَبُو حَنِيْفَةَ: ينعقد بما يقتضي التمليك دون الإِحلال والإِباحة، وعنه اختلاف رواية في لفظ الإِجارةِ. وقال مالك -رضي الله عنه-: ينعقد بسائر الألفاظ بشرط ذكر الْمَهْرِ، واحتج الأصحاب للمذهب بأن ما ينعقد به غير النكاح لا ينعقد به النكاح؛ كالإِحلال والإِباحة، فإن النكاح ينزع إلى العبادات لورود الندب فيه، والأذكار في العبادات تُتَلَقَّى من الشرع، والقرآن ورد بهذين اللفظين دون غيرهما، وهل ينعقد بمعنى اللفظين بالعجمية، وسائر اللغات؟! فيه طريقان:

أحدهما: إنه إن كان يحسن الْعَرَبِيَّةَ، ويقدر على التكلم بها، فلا ينعقد؛ لأنه عدل عن النكاح، والتزويج مع القدرة فصار كما لو عدل عن البيع والتمليك وَيُحْكَى هذا عن أحمد. وإن لم يحسنها فوجهان:

أحدهما: أنَّ الجواب كذلك؛ لأن العربية لما كانت شرطاً عند القدرة لم يَجُزْ غيرهما عند الْعَجْزِ كقراءة الفاتحة، وعلى هذا فيصبر إلى أن يتعلم، أو يوكل.

وأصحهما: الانعقاد؛ لأنه لفظ لا يتعلق به إعجاز، فاكتفى بترجمته عند العجز كالتكبير وعلى هذه الطريقة جَرَى الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ وآخرون.

وأظهرهما: أنه إن لم يحسنها انعقد النكاح وجهاً واحدًا ولا يكلف التعلم والعقد، بغير لغته كما في سائر العقود، وإن أحسنها فوجهان:

أصحهما: الانعقاد أيضاً اعتباراً بالمعنى وليس كلفظ البيع والتمليك، لاختلاف المعنى، وتحكى هذه الطريقة عن ابن أبي هُرَيْرَةَ والقاضيين أبي حَامِدٍ وأبي الطَّيِّبِ، وإذا أطلقنا الكلام، واختصرنا حصل في المسألة ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ:

ثالثها: الفرق بين أن يُحْسِنَ العربية، أو لا يحسنها وينسب هذا إلى الإصْطَخْرِيِّ ومنهم من ينسب إليه المنع المطلق وترجمه اللفظين بالعجمية أن يقول: ["بزنى توداذم"] (١) ويَقُولُ الزَّوجُ: [بزني كردم] (٢)، [أو] (٣) نحو ساتم [بزنى، أو


= أخذا من الكتاب والسنة بالاستقراء دون الهبة.
وأما المعقول فقد قالوا فيه: إن الهبة من ألفاظ الطلاق حتى أن يقع الطلاق بقوله الزوجية: وهبتك لأهلك فلا يكون موجبًا لضده.
واستدل المالكية والحنفية على انعقاد النكاح بلفظ الهبة بنفس الآية التي استدل بها الشافعية.
ووجه الدلالة منها أنهم قالوا: إن هذا اللفظ انعقد به نكاح النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجب أن ينعقد به نكاح أمته كلفظ الإِنكاح والتزويج.
(١) جملة فارسية بمعنى: زوجتك نفسي (أعطيت نفسي زوجة لك).
(٢) جملة فارسية بمعنى تزوجتك.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>