بالجزئية إليه إن كان ثُلُثًا فقد خرج عن ثُلُثِ ما عليه، وعلى هذا القياس، نظراً إلى اليوم الذي يوقع فيه الإعتكاف، ولهذا لو اعتكف بقدر سَاعَات أقصر الأيام من يوم طَويِل لَم يْكفِه، وهذ الذي ذكره مُسْتَدْرَكٌ حسَنٌ، وقد أجاب عنه بما لا يشفى والله أعلم.
الحالة الثانية: أن يعين المدة المقدرة، كما لو نذر أن يعتكف عَشْرَة أيام من الآن، أو هذه العشرة أو شهر رمضان، أو هذا الشَّهر فعلية الوَفَاء، ولو أفْسدَ آخره بالخروج بغير عُذْرٍ أو بسبب آخر لم يلزمه الاستئناف، ولو فاته الجميع لم يلزمه التتابع في القَضَاء، لأن التتابع فيه كان خمن حَقّ الوَقْتِ، وضروراته لا أنه وقع مقصوداً فأشبه التتابع في صَوْمِ رمضان، وهذا إذا لم يتعرض للتتابع، أما إذا صَرَّح به فقال: أعتكف هذه العشرة، أو هذا الشَّهر متتابعاً، فهل يلزمه الاستئناف إذا أفسد آخره؟ وهل يجب التتابع في قضائه عند الفوات؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، لِأن التَّتَابع وَاقِعٌ ضرورة فَلاَ أثر لِلَفْظِه وتصريحه.
وأصحهما: نعم؛ لأن تَصْرِيحَهُ بِهِ يَدُلُّ على قصْدِه إياه، ويجوز أن يكون ذلك مقصوراً من تعيين الزَّمان.
وأعلم قوله: في الكتاب: (لم يفسد أوله آخره) بالألفِ، لأن في رواية عن أحمد يفسد وَيجِب الاسُتِئْنَافُ.
قال الرَّافِعِيُّ: مقصود هذا النظر بيان أن الليالي متى تلزم إذا ينص عليها، ويقاس به الأيام إذا لم ينص عليها، وفيه صور.
إحدهما: لو نذر اعْتِكَافَ شَهْرٍ لزمه الأيام والليالي؛ لأن الشَّهْرَ عبارةٌ عن الجَمِيع إلا أن يقول أيَّام شَهْرٍ، أو نهار هذا الشهر، فلا تلزمة الليالي، وكذا لو قال: ليالي هذا الشهر لا تلزم الأيام، ولو لم يتلفظ بتقييد ولا آستثناء، ولكن نوى بقلبه ففيه وجهان:
أصحهما: وبه قبل أبو حنيفة: أنه لا يؤثر، ذكره في "التهذيب"، ثم إذا أطلق الشَّهر فدخل المسجد قبل الاستهلاك كفاه ذلك الشَّهر خرج ناقصاً أو كاملا، وإن دخل في أثناء الشهر استكمل بالعدد.
الثانية: لو نذر اعتكافَ يَوْمٍ لم يلزمه ضَمُّ الليلة إليه إلا أن ينوي، فحينئذ يلزمه؛