للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو لم يتعرض للكبر والصِّغَرِ لكن قال: زَوَّجْتُكَ بنتي فلانةً، فذكر اسم الكبيرة مثلاً، وَقَصَدَ تَزْوِيجَ الصَّغِيْرَةَ أو بالعكس، وَقَصَدَ الزَّوْجُ الَّتِي قَصَدَهَا الْوَلِيُّ صَح النِّكَاحُ عَلَى الَّتِي قصداها. ولغت التسمية وفي الاعتماد على النِّيَةِ الإِشْكَالُ الَّذِي سَبَقَ.

ولو قال الزَّوجُ قصدت الكبيرة فالنِّكَاحُ في الظاهر منعقد عليها وإن صدق الوليُّ على أنه قصد الصَّغِيْرَةَ لم يصح النِّكَاحُ؛ لأنه قبل غير ما أوجب؛ كذلك ذكره العراقيون، وصاحب "التَّهْذِيْبِ" المعتبرون للنيَّةِ، وهذا يخالف الجوابَ المنقول في فَرْعٍ آخَرَ وهو أنَّ زيداً خَطَبَ إلى قَوْمٍ وعمراً إلى آخرين ثم جاء زَيْدٌ إلى الآخرين وعمر إلى الأولين وزوج كل فريق من جاءه.

فعن أبي الحسين بن القطَّان أنه وقع في زمان أبي السَّائِب ببغداد فأفتى الفُقَهَاءُ فيها بِصِحَّةِ النِّكَاحَينِ، وَمَعْلُومَ أنَّ كُلَّ وَلِيٍّ أَوْجَبَ لغير من قَبِل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الثَّالِثُ): الشُّهُودُ فلاَ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إِلاَّ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ (م) مُسْلِمَيْنِ (ح) حُرَّيْنِ بَالِغَينِ سَمِيعَيْنِ بَصِيرَيْنِ ذَكَرَيْنِ (ح) مَقْبُولَي الشَّهَادَةِ لِلزَّوْجَيْنِ وَعَلَيْهِمَا، لَيْسَا بِعَدُوَّيْنِ وَلاَ ابْنَيْنِ وَلاَ أَبوَيْنِ لَهُمَا، وَيُكْفَى حُضُورُ مَسْتُورَي العَدَالَةِ دُونَ مَسْتُورَي الرِّقِّ، فَإِنْ بَانَ كَوْنُهُ فَاسِقاً عِنْدَ العَقْدِ تَبَيَّنَ البُطْلاَنُ عَلَى قَوْلٍ، وَإِنَّمَا يُتَبَيَّنُ بِحُجَّةِ، أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ فَاسِقٌ لاَ باعْتِرَافِ المَسْتُورِ، فَإِذَا عَرَفَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِسْقَهُ عِنْدَ العَقْدِ لَمْ يَنْعَقِد، فَإنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِأنَّهُ عَرَفَ فِسْقَهُ وَأَنْكَرَتْ بَانَتْ مِنْهُ وَوَجَبَ شَطْرُ المَهْرِ إِنْ كَانَ قَبْلَ المَسِيسِ، وَتَوْبَةُ المُعْلِنِ عِنْدَ العَقدِ تلْحِقُهُ بِالمَستورِ عَلَى رَأيِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإِشْهَادُ عَلَى رِضَا المَرْأَةِ.

[القول في الركن الرابع]

قال الرَّافِعِيُّ: ذكر صاحب "الكتاب" في "الوسيط" أن في حضور الشهود شرط لَكُنَّا تَسَاهَلْنَا بتسميته رُكْناً، والْكَلاَمُ في تفسير الرُّكنِ والشَّرْطِ وكيفية افتراقهما قد مَرَّ، فلا نعيده، وبالجملة فَحُضُورُ الشُّهُودِ مُعْتَبَرٌ في الأَنْكِحَةِ.

روي عن عمران بن الحصين أنَّ النبي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ" (١). والمعنى فيه الاحتياط للإبضاع، وَصِيَانَةُ الأَنْكِحَةِ عَنِ


(١) أحمد والدارقطني [٣/ ٢٢٥] والطبراني [١٨/ ٢٩٩] والبيهقي [٧/ ١٢٥] من حديث الحسن عنه، وفي إسناده عبد الله بن محرز وهو متروك، ورواه الشَّافعي من وجه آخر عن الحسن مرسلاً وقال: وهذا وإن كان منقطعاً فإن أكثر أهل العلم يقولون به.

<<  <  ج: ص:  >  >>