قَالَ الرَّافِعِيُّ: العَدَد من الطَّلاق تارةً يقع، لنيَّة العَدَد في اللفظ الَّذي استعمله المطلِّق، وأخرى باللفظ المُشْعِر بالعدد، وإشعاره قدْ يَكُون لتكرير لفْظ الطلاق، وقد يكونُ لدلالته علَى العَدَد بالوضع، وقد يَكُون من جِهَة اصْطلاَح الحسَاب.
أمَّا ما يدُلُّ على العَدَد بالوضْع كقوله: أنت طالِقٌ ثنتَين أو ثلاثاً، فأمْره بين فلا نطول النَّظَر فيه. بقيتْ ثلاثة فُصُول؛ وهي نية العَدَد، وتكريرُ لفْظ الطلاق، والطلاق بالحساب وهي فُصُول الباب.
أما الأوَّل: فإذا قال لامرأته: أنْتِ طالقٌ أو طلَّقتك، ونوى طلقتين أو ثلاثاً، يقَع ما نوى، وكذلك الحُكْم في الكنايات.
وقال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله-: لا يَقَع بقوله: أنْتِ طالقٌ إلا واحدة، وإن نَوَى العَدَد، وسلَّم أبو حنيفة أنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ للسنة أو أنتِ الطَّلاقُ أو طَلِّقِي نفْسَك، ونوى الثلاث أنَّه يقع الثلاث، وأنَّه يَجُوز إرادة الثلاث بالكنايات، ولا يجُوز إرادة الثنتين.
واحتج الأصْحَاب بقياس ما لم يُسَلِّمه على ما سلَّمة، وبما رُوِيَ أن ركانة بْن عبْد يزيد أتَى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ ألْبَتَّة، ووالله، مَا أَرَدتُّ إِلاَّ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: واللهِ، ما أردتَّ إلا واحدةً؟ فقال: والله، ما أردتُّ إلا واحدةً؛ فردَّها عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فدَلَّ على أنه لو أراد ما زاد على واحدة، لوقع،