للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول هو المَذْكُورُ في الكتاب، وبه أجاب الشيخ أبو حَامِدٍ، ومن تابعه، ولكن قيل يبتنى (١) هذا الخِلاَفَ على الخِلاَفِ في أن التَّغْلِيظَ مُسْتَحَقٌّ، أو مُسْتَحَبٌّ. وقَضِيَّةُ هذا البناء تَرْجِيحُ الوجه الثاني.

[فرع]

من تَوَجَّهَتْ عليه اليمين، لو كان (٢) قد حَلَفَ بالطَّلاَقِ ألا يحلف يَمِيناً مُغَلَّظَةً، فإن جعلنا التَّغْلِيظَ مُستحقّاً، فعليه أن يَحْلفَ اليمين المُغَلَّظَةَ، والحنث، وإذا امتنع، جُعِلَ نَاكِلاً، وإن جعلناه مُسْتَحَبّاً، فلا يحنث.

القاعدة الثانية: يُشْتَرَطُ في اليمين أن تكون مُطَابِقَةً للإنكار، فإذا ادَّعَى عليه إِتْلاَفَ ثَوْبِ قيمته عشرة، فإن قال في الجَوَابِ: ما أَتْلَفْتُ، حلف كذلك. وإن قال: لا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ، حَلَفَ كذلك. وهذا قد مَرَّ.

والشرط أيضاً وُقُوعُهَا بعد تَحْلِيفِ القاضي، فلو حلف [قبله] (٣) لم يُعْتَدَّ به، واحْتُجَّ له، بأن رُكَانَةَ (٤) طَلَّقَ امْرَأتَهُ ألْبَتَّةَ. وقال: وَاللهِ ما أردت إلا وَاحِدَةً. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَرَدْتَّ إِلاَّ وَاحِدَةً؟ " فقال: والله، ما أردت إلا وَاحِدَةً (٥).

فقيل: كانت امرَأَتُهُ تَدَّعِي أنَّه أراد أكثر من طَلْقَةٍ، فكان (٦) عليه أن يَحْلِفَ، فلم يُعْتَدَّ بيمينه قبل التَّحْلِيفِ، وأعاد عليه ولو قال الحَاكِمُ في تَحْلِيفِهِ: قل: بالله. فقال: بالرَّحْمَن، لم يُحْسَبْ، وكان نُكُولاً. ولو قال: قل: باللهِ، فقال: وَاللهِ، أو تالله، فوجهان (٧):

أحدهما: أنهُ نُكُولٌ؛ لأنه حَلَفَ، لا على الوَجْهِ الذي حُلِّفَ، فَأَشْبَهَتِ الصورة الأولى.

والثاني: المَنْعُ؛ لأنه حَلَفَ بالاسْمِ الذي حُلِّفَ به، والتَّفَاوُت في مُجَرَّدِ الصِّلَةِ.

ويجري الوَجْهَانِ فيما إذا غُلِّظَ عليه باللَّفْظِ، فامتنع واقْتَصَرَ على أن قال: بالله. وفيما إذا أراد التَّأْكِيدَ عليه بالزَّمَانِ، أو المكان، فامْتَنَعَ. وقد حَكَى الخِلاَفَ في التَّغلِيظِ


(١) في ز: بينا.
(٢) في أ: أو.
(٣) سقط في: ز.
(٤) في ز: وكأنه، وهو تحريف بيّن.
(٥) تقدم.
(٦) في أ: وكان.
(٧) لم يرجح المصنف منهما شيئاً، وقال الشيخ البلقيني نص الشافعي في الأم في التحفظ في اليمين من أبواب القسامة ظاهر في الاكتفاء بذلك فإنه قال فيقول للحالف قل والله، فإن قال الحالف بالله كان كقوله والله لأن ظاهرهما معاً يمين، قال ولو لحن الحالف فقال والله بالرفع أو النصب أحببت أن يعيد القول حتى يضجع ولو مضى على اليمين بغير إضجاع لم يكن عليه إعادة. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>