للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مَالِكٍ: أن الضَّبْطَ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ، فيجري التَّغلِيظُ فيما بَلَغَ رُبُعَ دينار، ولا يَجْرِي فيما دُونَهُ، وأما أبو حَنِيْفَةَ، وأحمد، فلا تَغْلِيظَ عندهما بالمكان، ولا بالزَّمَانِ أَصْلاً.

الثالثة: ما يجري [فيه] (١) التَّغْلِيظُ يَسْتَوي فيه يَمِينُ المدعى عليه، واليَمِينُ المَرْدُودَةُ، واليمين مع الشَّاهِدِ. [وقد يقتضي] (٢) الحال تَغْلِيظَ اليَمِينِ في أحد الطَّرَفَيْنِ دُونَ الآخر، كما إذا ادَّعَى العَبْدُ على سَيِّدِهِ عِتْقاً، أو كتابة، فأنكر السيد؛ فإن بلغت قِيمَتُهُ نِصَاباً، فيغلظ عليه في اليَمِينِ؛ لأنه ينفي اسْتِدَامَةَ مَالٍ كثير، فإن لم يبلغ قِيمَتُهُ نِصَاباً، فلا يغلظ عليه؛ فإن نَكَلَ السيد، فالعَبْدُ يُغَلَّظْ عليه بكل حَالٍ؛ لأنه يَدَّعِي العِتْقَ.

والوَقْفُ من جانب المدعى عليه لا تَغْلِيظَ فيه، إلا إذا بلغ نِصَاباً، وكذلك مِنْ جَانِبِ المدعي إن أثبتناه بشاهد ويَمِينٍ، وإن لم نُثْبِتْهُ فيغلظ فيه كالعِتْقِ.

وعن حكاية صاحب "التقريب" (٣) وجه: أن ما يُغَلَّظُ فيه من أَحَدِ الطرفين يُغَلَّظُ من الآخر، تَسْوِيةً بين الخَصْمَيْنِ.

وإذا ادَّعى الزَّوْجُ الخُلْعَ على مَالٍ، وأنكرت الزَّوْجَةُ فالبينونة حَاصِلَةٌ بقوله، وتُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ في إنكار المَالِ بيمينها، ويُنْظَرُ في التَّغْلِيظِ إلى قَدْرِ المال: أهو كَثيرٌ أم قليل؟ فإن ردّت اليمين، وحَلَفَ الزَّوْجُ، فكذلك؛ لأن مَقْصُودَهُ المال.

وإن ادعت هي الخُلْعَ، وأنكر الزَّوْجُ، فتغلظ اليَمِينُ عليه؛ لأن مَقْصُودَهُ اسْتِدَامَةُ النكاح. وإن نَكَلَ، وحَلَفَتِ الزَّوْجَةُ، فكذلك؛ لأن مَقْصُودَهَا الفِرَاقُ.

الرابعة: من به مَرَضٌ أو زُمَانَةٌ، لا تُغَلَّظُ عليه في المكان لِعُذْرِهِ. وكذا الحَائِضُ، إذ لا يُمْكِنُهَا اللّبْثُ في المسجد، والمَرْأَةُ المُخَدَّرَةُ فِي إِحْضَارِهَا مَجْلِسَ الحكم، خِلاَفٌ سَبَقَ، فإن أُحْضِرَت، فهي كالرجل في التَّغْلِيظِ. وإن قلنا: لا تَحْضُرْ؛ بل يَبْعَثُ القاضي إليها من يَحْكُمُ بينها وبين خَصْمِهَا، فهذا أفْضَى الأَمْرُ إلى تَحْلِيفِهَا، فهل تُغَلَّظُ عليها بالمكان، وتُكَلَّفُ حضور الجامع؟

فيه وجهان مَحْكِيَّانِ في "الشامل" وغيره:

أحدهما: نعم؛ ويُرَاعَى التَّغْلِيظُ من هذا الوجه، كما يُرَاعَى باللفظ.

والثاني: لا؛ لأنا أَلْحَقنَا التَّحَذُّر بالمَرَضِ في حضور مَجْلِسِ الحكم، فكذلك (٤)، في حضور الجَامِعِ.


(١) سقط في: أ.
(٢) سقط في: أ.
(٣) في ز: القريب.
(٤) في أ: وكذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>