للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها في الأشغال الخاصة، والقراض معاملة يتعلّق بها غرض كل واحد من المتعاقدين، فمهما كان العامل أبسط يدًا كان أفضى إلى مقصودها.

[فرع]

إذا جرى تعيين صحيح لم يكن للعامل مجاوزته، كما في سائر التصرفات المستفادة من الإذن، فالإذن في البَزّ يتناول ما يلبس من المنسوج من الإبريسم والقطن والكتان والصوف دون الفرش والبسط.

وفي الأكسية وجهان؛ لأنها ملبوسة، لكن بائعها لا يسمى بَزَّازًا (١).

قال الغزالي: وَلَوْ ضُيِّقَ بِالتَّأقيِتِ إِلَى سَنَةٍ مَثَلًا وَمُنِعَ مِنَ البَيْعِ بَعْدَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ فإنَّهُ قَدْ لا يَجِدُ زُبُونًا قَبْلَهَا، وإِنْ قُيِّدَ الشِّرَاءُ وَقَالَ: لا تَشْتَرِ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَكَ البَيْعُ فَوَجْهَانِ، إِذ المَنْعُ عَنِ الشِّرَاءِ مَقْدُورٌ لَهُ في كُلِّ وَقْتِ فأَمْكَنَ شَرْطُهُ، فَإِنْ قَالَ: قَارَضْتُكَ سَنَةَ مُطْلقًا فَعَلَى أَيِّ القِسْمَيْنِ يَنْزِلُ فِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: الأمر الثالث: ألاَّ يضّيق بالتأقيت.

واعلم أولًا أن القراض لا يعتبر فيه بيان المدة، بخلاف المُسَاقاة؛ لأن المقصود من المُسَاقاة ينضبط بالمدة، فإن للثمر وقتًا معلومًا، والمقصود من القِرَاض ليس له مدَّة مضبوطه، فلم يشترط فيه التأقيت، ولو أَقَّت وقال: قارضتك سنة، فينظر إن منعه من التصرف بعدها مطلقًا، أو من البيع فهو فاسد؛ لأنّ يخل بمقصود العقد، ويخالف مقتضاه.

أما الأول: فلأنه قد لا يجد راغبًا في المدة، فلا تحصل التجارة والربح.

وأما الثاني: فلأنه قد يكون عنده عروض عند انقضاء السنة وقضية القراض أن ينص العامل ما في يده لآخر الأمر ليتميز رأس المال من الربح.

وإن قال: عَلَيَّ ألا أشترى بعد السنة، ولك البيع فوجهان.

أحدهما: المنع؛ لأن ما وضعه على الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت، وهذا الوجه ذكر الإمام أن العراقيين نسبوه إلى أبي الطَّيبِ ابْنِ سَلَمَةَ، ولا يكاد يوجد ذلك في كتبهم، نعم يقولون: إن أبا الطيب النساوي حكاه عن إبي إِسْحَاقَ فيما علق من الزيادات على الشرح، فكأنه اشتبه عليه أبو الطيب بأبي الطيب. وأصحهما: الجواز؛ لأنّ المالك يتمكّن من منعه من الشراء مهما شاء، فجاز أن يتعرض له في العقد،


(١) قال النووى: أصحّهما المنع. ينظر الروضة ٤/ ٢٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>