للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتمل أن يكون من الزوج، ولم يُحْتمل أن يكون مِنْ السيد، انقضت العدة بوضْعِه، وهل على السيد الاستِبْراء بعْد انقضاء العدَّة؟ فيه ما سَبَق من الخلاف، ولو لم يظهر بها حَمْلٌ، والتصوير ما ذكَرْنا، فإمَّا أن يموت الزوج عقيب الوطء أو [بعده بمدة، فإن مات عقبه] تعتد عدَّةَ الوفاة، وهل تحل بعدها للسيد أم تحتاج إلى الاستبراء؟ فيه الخلاف، ولا يجوز تزويجها بلا خلاف إلا بَعْد الاستبراء، وإن عاش بعد الوطء مدَّةً، فعليه أن يَعْتَزل عنْها إذا علم الحال إلى أن تنقضيَ مدَّة الاستبراء، كالمنكوحة توطأ بالشبهة، وإذا مات بعد انقضائها، فليس عليها إلا عِدَّة الوفاة، وتحلُّ للسيد بعْدها، وله تزويجُهَا بلا استبراءٍ جديدٍ، ولو كان يستفرشها الزوْجُ بعْد وطء السيد جاهلاً، ثم مات، فإذا اعتدَّت عنه، فهل تحِلُّ للسيِّد مِنْ غير استبراء؟ فيه ما سَبَق من الخلاف، ولا يجوز تزويجُها إلا بعد الاستبراء.

فرْعٌ: أورده الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله- في الشَّرْح: رجل له امرأةٌ وأمةٌ مزوَّجةٌ حَنثَ في طلاق امرأته أو في عِتْق أمته، ومات قبل البيان، ثم مات زَوْج الأمة، فعليها أن تعتدَّ أربعة أشهر وعشراً مِنْ يوم وفاة الزوج؛ لاحتمال أن سيِّدها حَنثَ في عِتْقِها، فتكون حرَّةً يوم وفاة زوْجها، وعلى امرأته أربعةُ أشهرٍ وعشْرٌ أو ثلاثة أقراءٍ؛ لأنَّها متوفَّى عنْها أو مطلَّقةٌ، فعليها أطَول المدتين، فإن اشتملت المدة على الأقراء اكتفت بها، ولو كان الزَوْج الأَمَة أمةٌ، وحنث هو أيضاً في عتْقها أو طلاق زوجته، وماتا قبل البيان، فعلى كل واحدة الاعتدادُ بأربعةٍ أشهرٍ وعشْرٍ أو ثلاثةِ أقراء؛ لأن كلَّ واحدة تحْتمل أن تكون مطلَّقة، وأن يكون متوفَّى عنْها زوجُها، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّالِثُ) فِيمَا تَصِيرُ بِهِ الأَمَةُ فِرَاشاً وَهُوَ الإقْرَارُ (ح) بالوَطْءِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الاسْتِبْرَاءِ* فَإِنِ ادَّعَى الاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الوَطْءِ لَمْ يَلْحَقْهُ الوَلَدُ عَلَى الأَظْهَرِ* وَقِيلَ: يَلْحَقُ وَلاَ يَنْتَفِي إِلاَّ بِاللِّعَانِ* وَلَوِ ادَّعَتْ أُمِّيَّةَ الوَلَدِ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ فَيَحْلِفُ أنَّهُ مَا وَطِئَهَا بَعْدَ الحَيْضِ* وَعَلَى وَجْهٍ يَقُولُ في اليَمِينِ: وَلَيْسَ الوَلَدُ مِنِّي* وَلَوْ أتَتْ بَعْدَ إِقْرَارِ الوَطْءِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَع سِنِينَ فَهَذَا أَوْلَى بِأَنْ لاَ يَلْحَقَ مِنْ صِورَةِ دَعْوَى الاسْتِبْرَاءِ* وَكَذَا الخِلاَفُ في الوَلَدِ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ منْ وَطْءٍ آخَرَ وَكَأَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إِلَى أنَّهَا لاَ تَصِيرُ فِرَاشاً بِمُجَرَّدِ الإِقْرَارِ وَلَكِنْ مَا يَقْتَضِيهِ الإِقْرَارُ يُؤَاخَذُ بِهِ* وَلَوِ ادَّعَى العَزْلَ لَحِقَهُ عَلَى الأَظْهَرِ* وَلَوْ أَقَرَّ بِإِتْيَانِهَا فِي غَيْرَ المَأتَي لَمْ يَلْحَقْهُ الوَلَد.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الأمة لا تصير فراشاً بالمِلْك حتى لا يلحقه الوَلَد الذي تَأْتي به، وإن حَلَّت له وخلا بها، وأمكن أن يكون منه بخلاف النِّكَاح، حيْث يلحق الولد فيه بمُجَرَّد الإمكان؛ لأن مقْصُود النكاح هو الاستِمْتاع، والولَدُ ومِلْكُ اليمين قد يُقْصَد به ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>