ولو باع كراً قيمته مائة، بكَرٍ قيمته خمسون، وعليه عَشَرَة دراهم دَيْناً، فنَحُطّ العشرة من ماله، ويُقَدَّر كأنه لا يملك إلا تسعين، وثلثها ثلاثون، والمحاباة بخمسين، والثلاثون ثلاثة أخماس الخمسين، فيصحُّ البَيْع في ثلاثة أخماس الجيد، بثلاثة أخماس الرديء، فيخرج من ملكه ستون، ويعود إليه ثلاثُونَ؛ ويبقى مما بَطَل فيه ثلاثون، وذلك ضعف المحاباة.
وإذا كان على المريض دَيْن، وله قال سوى ما باع تركةٌ، فيقابل الدين بالتركة، فإن تساويا؛ فكأنه لا دين، ولا تَرِكَة، وإن زاد أحدهما، اعتبرنا الزائد على ما بيناه.
وهذا في بيع الجنس بالجنس من الربويات.
أما إذا باع كر حنطة قيمته عشرون، بكر شعير قيمته عشرة، فإن قلنا: نصحُّ البيعُ في البعض بقسْطِه من الثمن، فالجواب كلما لو باع الحنطة الجيدة بالرديئة، فيصحُّ البيع في ثلثي الحنطة، بثلثي الشعير، وإن قلنا: يصح فيما يحتمله الثلث، وفيما يوازي، الثمن بجميع الثمن، فيصح البيع في خمسة أَسداس الحنطة بجميع الشعير؛ لأنه يصحُّ في قدر الثلث، وفيما يوازي الشعير بالقيمة، وهو النصف، ولا بأس بالمفاصلة في الكيل هاهنا.
فَصْلٌ في بيع المريض بالمحاباة مع حدوث زيادة، أو نقصان في المبيع.
أما الزيادة: فالاعتبار بالقدر الذي يصح فيه البيع بيوم البيع، وزيادته للمشتري غير محسوبة عليه، والاعتبار في القدر الذي يبطل فيه البيع، ويبقى للورثة بيوم الموت، ولا فَرْقَ بين أن تكون الزيادةُ لمجرَّد ارتفاع السوق، أو لصفقة تزيد في القيمة، فإذا باع عبداً قيمته عشرون بعشرة، ثم زادَتْ قيمته، فبلغت أربعين، وصحَّحنا البيع في بعضه على ما بيناه في تفريق الصفقة؛ فإن صحَّحنا البيع في بعضه بجميع الثمن، فللمشتري بالعشرة نصف العبد، وهي قيمته يوم الشراء، يبقى نصف العبد وقيمته يوم الموت عشرون، تضمه إلى الثمن يبلغ ثلاثين، فله من ذلك شيء بالمحاباة، وشيء يتبع المحاباة؛ بسبب زيادة القيمة غير محسوب عليه. يبقَى ثلاثون درهماً إِلاَّ شيئين، يعدل ضعف المحاباة؛ وهو شيئان، فيُجْبَر، ويقابَلُ، فثلاثون درهماً تعدل أربعة أشياء، فالشيء ربع الثلاثين، وهو سبعة دراهم ونصف درهم، وهذا ما يجوز التبرُّع فيه، وهو ثلاثة أثمان العبد يوم البيع، فيُضَمُّ إلى النصْفِ الذي ملكه المشتري بالثمن؛ فيحصُلُ له بالتبرع، والثمن سبعة أثمان العبد، يبقى للورثة ثمنه، وهو خمسة يوم الموت، والثمن، وهو عشرة، وهما ضعف المحاباة.